غضب إسرائيلي على الجيش بعد عملية شعفاط

ما زالت عملية شعفاط الفدائية تترك آثارها الأمنية والسياسية على الساحة الإسرائيلية التي شهدت صدور ردود فعل غاضبة، وتوجيه اتهامات إلى المستويين السياسي والعسكري بعدم القدرة على وقف سلسلة الهجمات الفلسطينية المتواصلة، خاصة أن عملية شعفاط أتت موثقة بالصوت والصورة، وكشفت عن جرأة مذهلة للمقاوم الفلسطيني، وجبن وتراجع مهين لجنود الاحتلال  وفق ما كشفته وسائل الإعلام الإسرائيلية.

رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي الذي زار مسرح الهجوم، تحدث مع قادة المنطقة، وقال: “نلتقي في ظروف مؤلمة، تتطلب منا دراسة الحدث، وتعلم الدروس من أجل منع وقوع هذا النوع من الأحداث، هذه مسؤوليتنا”.

صحيفة “إسرائيل اليوم” أجرت استطلاعا بين قادة الحلبة السياسية، لاسيما من معسكر اليمين، وجه فيه رئيس حزب “العصبة اليهودية” إيتمار بن غفير، اتهامات لوزيري الأمن الداخلي عومر بارليف والحرب بيني غانتس، قائلا: “إننا أمام هجوم يتبعه هجوم، ولا يوجد منقذ للإسرائيليين، والحكومة لا تستخلص العبر، وتواصل سياسة الضعف تجاه العدو الذي يفرك يديه بسرور، ويرى كيف تخلي الحكومة المستوطنات اليهودية، تعبت من عجز صانعي القرار الذين يضرون بالأمن الشخصي للجنود والإسرائيليين الذين أصبحوا مثل البط في المرمى، نحتاج للعودة للاغتيالات المركزة”.

 

رئيس “الصهيونية الدينية” بتسلئيل سموتريتش قال: “إننا نصرخ منذ فترة طويلة بأن العمليات ترفع رأسها في جميع أنحاء المدن، وأننا في خضم انتفاضة، وقد رأينا في شعفاط النتائج الرهيبة، لابيد وغانتس يدّعون أن الهجمات تتراخى وتضعف، لكن الوقت حان للتصرف بكل الطرق والقوة ضدها”، أما ماؤور تسماش رئيس منظمة “اذهب للقدس” فقال: “إننا تعودنا في الأسابيع الأخيرة من زيادة التحذيرات من ارتفاع مستوى التحريض الفلسطيني، وللأسف لم يتم عمل شيء لوقفه، ومنع صب الزيت على النار”.
 

على صعيد التحليلات العسكرية، أكد رون بن يشاي كبير الخبراء العسكريين في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أن “عملية شعفاط تتطلب حلولا جديدة ليس من بينها عملية مكررة من السور الواقي، لأن من يقود الموجة الحالية من الهجمات هم الشباب ونشطاء شبكات التواصل، وبالتالي فإن عملية عسكرية واسعة النطاق قد تضيف مزيدا من الشبان إلى قائمة منفذي الهجمات، وتحول سلسلة الأحداث إلى انتفاضة شعبية عارمة”.

وأضاف  أن “هجوم شعفاط كان متوقعا نظرا لاستمرار موجة الهجمات الحالية بدرجات متفاوتة الشدة منذ سبعة أشهر، استمرارا لعمليات بيني براك وتل أبيب وبئر السبع والخضيرة، صحيح أن الموجة الحالية لم تسفر عن عدد قتلى إسرائيليين كثر، لكن لها طابع فريد ومتميز، حتى خصائص جديدة إلى حد ما، ما يجعل التعامل معها يتطلب طريقة مختلفة مما نعرفه سابقا”.

تال ليف رام الضابط الإسرائيلي ذكر أن “التحقيق الميداني في عملية شعفاط لا يجب أن يقتصر على الجنود في الميدان فقط، نحن بحاجة إلى تحقيق احترافي مؤثر ومتعمق، لأن تصوير العملية جعل من الصعب عدم التعرف على الإخفاقات الواضحة حتى في وقتها القصير للتنفيذ، ورغم أن باقي العمليات الفلسطينية تختار نقاط الضعف للجيش أو المستوطنين، ما يجعل فرصة نجاحها كبيرة، فإن ما حصل في شعفاط جاء بالعكس تماما، حيث نفذ الفلسطيني عمليته وسط جمع كبير من الجنود”.

وأضاف في مقال نشرته صحيفة “معاريف” أن “الفيديو الصعب الذي يوثق الهجوم الذي سقطت فيه إحدى المجندات، يثير تساؤلات جدية عن كثافة عدد الجنود، كيف يكون ثمانية منهم في مدى بضعة أمتار فقط، ولعل ذلك جعل هذا الهجوم ناجحا، بشكل غير متوقع، مع أن المفاجأة تمثلت في الارتباك الهائل عند الحاجز، والوقت الطويل الذي استغرقه الجنود للرد على المسلح الفلسطيني، الذي تمكن من الانسحاب بسهولة نادرة، ومقلقة للغاية بشكل خاص”.

يوآف ليمور المحلل العسكري في صحيفة “إسرائيل اليوم”، أكد أن “هجوم شعفاط كشف عن سلسلة معضلات تواجه المستويين السياسي والأمني، التي حاولت منع خروج الوضع عن السيطرة، لكن نجاح الهجوم قد يغير الصورة، وبسبب نجاحه، فإنه يتوقع حدوث محاولات تقليد، رغم أننا كنا أمام عملية متوقعة، فمنذ عدة أسابيع، حذرت أجهزة الأمن من حوافز قياسية وكمية غير عادية من التحذيرات لتنفيذ هجمات، وكالعادة كانت القدس في مركز التأهب، لأنها تعتبر دائما نقطة تفجير للأحداث”.

وأضاف  أنه “ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان منفذ العملية كان يقصد بالذات استهداف الجنود بشكل خاص، أم إنه أصاب الهدف الأول المتاح الذي قابله، لكن الخطورة أنه من المحتمل أن تكون هناك الآن محاولات فلسطينية لتقليده، ما سيجعلنا أمام فترة إجازات يهودية متوترة، بل إن كل الأسابيع المقبلة حتى الانتخابات أوائل نوفمبر ستكون متوترة للغاية”.

نير دفوري مراسل “القناة 12” للشؤون الأمنية نقل عن مسؤولين كبار في المؤسستين الأمنية والعسكرية ما وصفوه بسلوك الجنود الذين يقفون عند حاجز شعفاط، بعد لقطات التقطتها الكاميرات في المكان الذي شوهد فيه المسلح يقترب مشيا على الأقدام باتجاههم، وهو يشهر مسدسه، وأطلق النار من مسافة قصيرة.

وأضاف في تقرير أنه “لم تصدر عن الجنود أي محاولة لمنع وقوع الهجوم، ولم يرد أي منهم بإطلاق النار، حتى تمكن المنفذ من الإفلات منهم، وقد أتت سيارة، وساعدته باتجاه مخيم شعفاط”.