وصل المحامي الفلسطيني صلاح الحموري، الذي ابعدته إسرائيل، يوم الأحد، إلى مطار رواسي قرب باريس.
وأكد الحموري، في تصريحات نقلتها وكالة “فرانس برس”، بعد وصوله إلى العاصمة باريس أن “المعركة مستمرة” مع سلطات الاحتلال الإسرائيلية، التي أبعدته قسريا.
واعتبر الحموري أن “لديه مسؤولية كبيرة تجاه قضيته وشعبه”، وقال الحقوقي الذي يتعرض لملاحقة سلطات الاحتلال منذ سنوات طويلة، لدى وصوله مطار رواسي في باريس: “غيرت المكان لكن المعركة مستمرة”، مضيفا “اليوم أشعر أن لدي مسؤولية كبيرة تجاه قضيتي وشعبي. نحن لا نتخلى عن فلسطين. حقنا هو المقاومة”.
وكان في استقبال المبعد الحموري زوجته إلسا وعشرات الأشخاص الذين احتشدوا من أجله، وممثلو منظمات غير حكومية وأنصار للقضية الفلسطينية.
وكانت سلطات الاحتلال قد أعلنت صباحا، أنها رحلت المحامي الحموري الذي يحمل الجنسية الفرنسية أيضا، إلى فرنسا، بعد أن استمر اعتقاله إداريا تسعة أشهر.
واعتقلت سلطات الاحتلال المحامي الحموري في 7 آذار الماضي، وأبقت عليه رهن الاعتقال الإداري منذ ذلك الحين دون محاكمة.
وفي تشرين الأول من العام الماضي، صادق المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية ووزير القضاء الإسرائيلي على قرار سحب هوية الحموري وحرمه من الإقامة في القدس بحجّة “خرق الولاء” لدولة الاحتلال، كما أبعدت سلطات الاحتلال زوجته عن مدينة القدس.
وصلاح الحموري محام ومدافع عن حقوق الإنسان، وكان أحد موظفي مؤسسة “الضمير” لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ووالدته فرنسية ووالده فلسطيني من مدينة القدس التي ولد وعاش فيها، وهو متزوج من فرنسية وأب لطفلين، تعرض لحملة ممنهجة ضده من قبل سلطات الاحتلال بدءا من اعتقاله الإداري والتعسفي والتجسس على هاتفه ومراقبته ووصولا إلى سحب إقامته المقدسية.
“وزارة القدس”: إبعاد الأسير صلاح الحموري “جريمة حرب”
وقالت وزارة شؤون القدس إن “إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي على إبعاد ابن القدس الحقوقي صلاح الحموري إلى فرنسا “جريمة حرب”، ونطالب بإعادته وزوجته وأطفاله إلى مدينة القدس”.
وأوضحت في بيان، صدر عنها، “ان جريمة ابعاد الأسير حموري بدأت بجريمة شطب هويته في المدينة التي ولد فيها، وتواصلت بالاعتقالات المتكررة، بما فيها الاعتقال الإداري البغيض، وانتهت بالإبعاد القسري عن القدس، وفلسطين خلال ساعات الليل”.
وأشارت إلى أن تنفيذ جريمة الابعاد تمت حتى استكمال ما تسمى الإجراءات القانونية بحقه، حيث قررت محكمة الاحتلال الإبقاء على توقيفه، حتى الأول من كانون الثاني المقبل، إلى حين البت في قرار إبعاده، وسحب هويته المقدسية.
وذكرت “ان تنفيذ جريمة الابعاد جاءت بعد ساعات من جريمة قتل مستوطن إسرائيلي للشقيقين محمد ومهند يوسف مطير من مخيم قلنديا شمال القدس المحتلة، بعد أن دعسهما بصورة متعمدة، بالقرب من حاجز زعترة العسكري جنوب نابلس”.
وأشارت إلى انه أعقب الابعاد إقدام عشرات المستوطنين على اقتحام المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال تحت ذريعة الاحتفال بـ”عيد الأنوار” اليهودي.
وقالت، “مجمل هذه الجرائم تؤكد التواطؤ ما بين حكومة الاحتلال وقضائه وشرطته ومستوطنيه في ارتكاب الجرائم ضد المقدسيين، لمحاولة ابعادهم عن مدينتهم، واحلال المستوطنين مكانهم، وتغيير وجه مدينة القدس”.
وحذرت من أن قرار وخطوة ابعاد الحموري بعد شطب هويته المقدسية قد تكون مقدمة لقرارات مشابهة، مبدية استغرابها من الصمت الدولي، بما في ذلك من قبل المؤسسات الدولية، إزاء الجريمة التي ارتكبتها، وما زالت ترتكبها سلطات الاحتلال بحق الحموري وعائلته.
وقالت، “إن الإبعاد هو بمثابة تذكير للمجتمع الدولي بحاجة الشعب الفلسطيني إلى الحماية الدولية من الاحتلال وممارساته إلى حين قيام الدولة الفلسطينية”.
وأضافت وزارة شؤون القدس: “أن الجريمة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال بحق الحموري هي تصعيد لمجمل الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ضد المقدسيين من هدم وإخلاء منازل، وبناء المستوطنات، والاعتقالات، والابعادات، والانتهاكات بحق المسجد الأقصى المبارك”.
فرنسا: ابعاد إسرائيل المحامي صلاح الحموري مخالف للقانون
وأدانت فرنسا، ابعاد إسرائيل للمحامي الفرنسي الفلسطيني صلاح الحموري المعتقل منذ آذار/مارس دون توجيه تهمة رسمية له، معتبرة ذلك “مخالفا للقانون”.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صحفي، “ندين اليوم قرار السلطات الإسرائيلية المخالف للقانون بطرد صلاح الحموري إلى فرنسا”.
وأوضحت أنها اتخذت منذ اعتقال الحموري الأخير إجراءات لضمان احترام حقوقه واستفادته من جميع سبل الانصاف القانونية وتمكينه من العيش حياة طبيعية في القدس، حيث ولد ويقيم ويرغب في العيش.
وأكدت الخارجية الفرنسية معارضتها لطرد فلسطيني مقيم في القدس الشرقية، وهي أرض محتلة بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.
الشعبيّة: ابعاد الحموري عن القدس يندرج في إطار سياسة التطهير العرقي وإفراغ المدينة من سكّانها
أدانت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، اقدام سلطات الاحتلال على إبعاد الناشط الحقوقي المقدسي صلاح الحموري إلى فرنسا، واقتلاعه من مدينة القدس، دون أدنى اعتبار للمطالبات المقدّمة من الدولة الفرنسيّة وجهات أوربيّة وعالميّة عديدة.
وأكَّدت الشعبيّة، أنّ ابعاد الحموري الذي قضى سنوات في الاعتقال الإداري وغير الإداري في سجون الاحتلال هو قرار سياسي بحت، لا سيما وأنّ الحموري يُطالب بحرية أبناء شعبه وبعدم الاعتداء على الأطفال والنساء، والتوقّف عن هدم البيوت واعتقال الأطفال في مدينة القدس.
وأشارت الشعبيّة، إلى أنّ إبعاد الحموري يأتي في إطار سياسة التطهير العرقي وإفراغ المدينة المقدسة من سكّانها الأصليين وهي تحت الاحتلال، ما يعني أنّ هناك مخالفة كبرى بحق القانون الدولي، وهذا يستوجب التدخّل السريع من جانب المؤسّسات الدولية لتوقّف هذا الاحتلال الذي لا يعير أي وزن لا للقوانين ولا للمؤسّسات الدوليّة عن ممارساته التعسفيّة.
وطالبت الشعبيّة، كافة المؤسّسات الحقوقيّة والإنسانيّة باستنكار هذه الجريمة، والمطالبة بإعادة صلاح الحموري إلى مسقط رأسه ليتابع حياته مع أفراد أسرته، والتوقّف عن سياسة الإبعاد والاعتقال الإداري التعسفي وكل الممارسات المنافية للقوانين الدوليّة وفي مقدمتها احتلال الأرض.
وقال نادي الأسير الفلسطيني إن ابعاد الحموري: قضيته أثبتت مجددًا فشل المنظومة الدّولية في حماية شعبنا الفلسطينيّ كأفراد وجماعات، حتى في أبسط حقوقهم، كالحقّ في المواطنة.
وشدّد نادي الأسير على أنّ قضية الحموري مؤشر ورسالة على أنّ الاحتلال اتخذ قرارًا باستعادة جريمة الإبعاد، التي شكّلت على مدار العقود الماضية، أخطر السّياسات التي نفّذت بحقّ المئات من الطلائعيين الفلسطينيين، وذلك في محاولة لتقويض أي دور يمكن أن يساهم في تقرير المصير الفلسطينيّ.
من جهتها، أدانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الإبعاد التعسفي والجائر بحق المحامي والحقوقي الحموري إلى فرنسا، وسحب هويته المقدسية.
وأكدت “هيئة الأسرى” في بيان، أن هذه السياسة الجائرة بحق المقدسيين والتي تتمثل بقرارات الإبعاد والاعتقالات المتكررة والغرامات الباهظة والأحكام العالية، هي جزء من نهج الاحتلال القائم على التطهير العرقي والتهجير القسري في القدس، ومواصلة حصار المدينة المقدسة وعزلها عن محيطها وصولا الى إفراغها من سكانها الأصليين، وتهويدها، وتغيير معالمها الديموغرافية والجغرافية والتاريخية.
وأشارت إلى أن سياسة إبعاد المواطنين تعتبر مخالفة صريحة للقانون الدولي، ومن أقسى العقوبات المحظورة وغير المشروعة، وتمثل انتهاكا خطيرا للمواثيق والأعراف الدولية وتشكل جريمة ضد الإنسانية.
وفيما يلي بيان صادر عن حملة العدالة لصلاح:
قامت سلطات الاستعمار-الاستيطاني “الإسرائيلي”، اليوم، الأحد، 18 كانون الأول / ديسمبر، بترحيل المحامي الفرنسي-الفلسطيني والمدافع عن حقوق الإنسان، صلاح الحموري، من مسقط رأسه، القدس المحتلة، إلى فرنسا، بشكل غير قانوني وبتهمة “خرق الولاء” لدولة الاحتلال.
تُشّكل مثل هذه الخطوة جريمة حرب بموجب القانون الإنساني الدولي تَتمّثل في الترحيل القسري لمدني فلسطيني من الأرض المحتلة، كما ويُمثّل تصعيداً مروعاً في سياسات وممارسات “إسرائيل” الممنهجة للتطهير العرقي للفلسطينيين من القدس المحتلة.
على الرغم من عقود من المضايقات والاعتداءات “الاسرائيلية”، لم يتنازل صلاح عن كرامته ومطلبه الأساسي، وهو البقاء في مسقط رأسه ومدينته التي أحب، القدس.
يجسد إصرار وحب صلاح للقدس العلاقة الفلسطينية التي لا تتزعزع بهذه المدينة* رغم السياسات الوحشية ضده لعقود من الزمن، *فلم تفعل هذه الوحشية شيئاً لقطع الرابط الفلسطيني، أو إضعاف الصمود الفلسطيني بالبقاء في فلسطين، والقدس بالتحديد.
كما أكد صلاح الحموري من سجن هدريم: “يأخذ الفلسطيني معه حيثما ذهب قضية شعبه وهذه المبادئ: نحمل الوطن معنا إلى حيث تنتهي بنا الطريق”.
على الرغم من حزن وألم المنفى الذي تفرضه “إسرائيل” على صلاح، إلا أنها خسرت المعركة، بل وعززت ارتباط صلاح بوطنه، وإرادة وعزم غيره الملايين الآخرين على البقاء.
إن الترحيل القسري لصلاح ليس سوى آخر مرحلة في مضايقات “إسرائيل” القضائية والإدارية لأكثر من عقدين ضده وعائلته وعمله في مجال حقوق الإنسان والدفاع عن الأسرى الفلسطينيين.
بات صلاح هدفاً رئيسياً لسياسات “إسرائيل” في ترهيب وإسكات أولئك الذين يتحدون نظامها القمعي العنصري، بما في ذلك الاعتقالات المتكررة (غالباً بدون تهمة أو محاكمة)، واستخدام العنف ضده، وفصله عن أسرته (بما في ذلك من خلال ترحيل زوجته قبل بضع سنوات)، بالإضافة إلى استهدافه من خلال برامج التجسس والمراقبة، ومؤخراً، تجريده من حق الإقامة في القدس بحجة “خرق الولاء” غير القانونية.
يجسد هذا القرار نظام الفصل العنصري “الإسرائيلي” الاستعماري المفروض على الشعب الفلسطيني منذ عقود.
سعى صلاح إلى تحقيق حقه في البقاء في وطنه على كل المستويات السياسية والقانونية المتاحة، لكنه لم يقابل إلا بسياسات عنصرية هدفها فرض الهيمنة “الإسرائيلية” على الشعب الفلسطيني.
يتسم نظام الفصل العنصري “الإسرائيلي” هذا بتزايد حاد في العنصرية والهمجية، حيث أنه على وشك تنصيب أكثر الحكومات فاشية منذ تكوينه.
تستهدف “إسرائيل” بأساليب التطهير العرقي، وبشكلٍ خاص، الفلسطينيين من مدينة القدس، مسقط رأس صلاح، حيث يشكل طرد إسرائيل له سابقة خطيرة لجميع الفلسطينيين في المدينة. قدّم مركز الحقوق الدستورية (CCR) والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH) ، نيابة عن صلاح الحموري، في 16 أيار / مايو 2022، بلاغات إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية (ICC)، والتي توضح بالتفصيل سنوات الاضطهاد والأساليب “الإسرائيلية” المختلفة لنقل الفلسطينيين قسراً من القدس المحتلة، وذلك في نطاق التحقيق الجاري من قبل المحكمة في الحالة في دولة فلسطين.
إن تواطؤ الدول والشركات التي تزوّد النظام “الإسرائيلي” بالدعم السياسي والاقتصادي والعسكري على الرغم من انتهاكاته المستمرة للقانون الدولي يمكّن “إسرائيل” من طرد صلاح الحموري، وغيره الآلاف، والاستمرار بسياسات الفصل العنصري بشكل أوسع وبدون أي مساءلة أو عواقب.
يتضح هذا في فشل فرنسا في استخدام نفوذها والأدوات المتاحة أمامها لمنع جريمة الحرب المتمثلة في الترحيل القسري والقمع المستمر لأحد مواطنيها (صلاح) من قبل “إسرائيل”.
قريباً، سيلتم شمل صلاح بزوجته وأطفاله الذين انفصل عنهم عنوة وبقسوة، وبينما يتأقلم صلاح مع حياة المنفى، سيكون محاطاً بحبهم وحب الملايين من أبناء وطنه – ولا سيما في القدس – وسيكون دائما ابن المدينة الأحب لها، ونموذجاً للصمود والتضحية والنضال من أجل الحرية.
سيكافح صلاح من أجل حقه في العودة إلى وطنه مثلما يفعل ملايين الفلسطينيين في المنفى. مهما كان مؤلماً ترحيل وطرد صلاح اليوم، إلا أنه ليس إلا نقطة انطلاق على طريق التحرير المفعم بتضحيات أبطال فلسطين وإرادتهم.