نقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عن مصادر في السلطة الفلسطينية اليوم الخميس قولها ” أن الرئيس محمود عباس أقر خطّة عُرضت عليه من قِبَل الأجهزة الأمنية، وبإشراف رئيس جهاز المخابرات اللواء ماجد فرج، وعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» حسين الشيخ، لإيقاف مسار تنامي قوّة المقاومة في جنين.
وأفادت المصادر بأن المسؤولين الفلسطينيين عقدوا لقاءات مكثّفة مع مسؤولين أمنيين إسرائيليين، للتباحُث في إيجاد «حلّ» لهذا الوضع، ولا سيما بعد حادثة «نفق الحرية» ووصول أسيرَين إلى مخيّم جنين، وتزايد المظاهر المسلّحة في العروض والمؤتمرات العسكرية. وخلال النقاشات، برز اعتراضٌ على تنفيذ قوات الاحتلال عملية جديدة في المدينة، بالنظر إلى أن خياراً مثل هذا سيؤدّي إلى تفجُّر الوضع في مختلف مناطق الضفّة، كما سيسبّب إحراجاً للسلطة، وقد يجرّ إلى مواجهة عسكرية مع قطاع غزة. ولذا، خلُصت اللقاءات إلى إيكال المهمّة إلى السلطة، التي سارعت إلى نقْل تعزيزات عسكرية ضخمة إلى جنين، وذلك في أعقاب ظهور عددٍ كبير من المسلّحين المنتمين إلى «كتائب القسام» – الجناح العسكري لحركة «حماس» – أثناء تشييع القيادي في الحركة، وزير الأسرى السابق وصفي قبها.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في السلطة، قولها، “السلطة ستتّجه نحو حلول أخرى بعيداً عن الحلّ الأمني لأنه أثبت سابقاً عدم جدواه في جنين تحديداً، مستبعدةً إمكانية اتّساع الاشتباكات بين المسلّحين والأمن الفلسطيني لتصل إلى سيناريو مماثل لما جرى في البلدة القديمة في نابلس ومخيم بلاطة قبل سنوات، أي أنه لن تكون هناك خسائر في الأرواح، فضلاً عن أن السلطة لن تتحمّل تدهور الوضع الأمني بشكل أكبر، وفي المقابل لن ينجرّ المقاومون خلف اشتباكات مسلّحة داخلية”.
وأضافت المصادر: “من المتوقع أن تتّجه الأمور في الأسابيع المقبلة نحو تسوية غير معلَنة وغير رسمية، قوامها إنهاء الاستعراض المسلّح من الشبان مقابل إنهاء الحملة الأمنية على مخيم جنين”.
وبحسب المصادر فإنه رغم الاقتراب من هذا الحل، إلا أن المشهد سيظلّ مرشّحاً للتصعيد في حال عودة جيش العدو إلى تنفيذ اقتحاماته الليلية الواسعة، لأنه سيقابلها بلا شكّ ظهور أسلحة ومقاومين، وبالتالي وقوع مواجهات.
بدورها أكدت المصادر أن ظاهرة المطارَدين والمطلوبين لجيش العدو خلال العام الجاري، تنامت هذا العام، في مشهدٍ لافت لم تعشه الضفة منذ سنوات طويلة.
ومنذ مطلع تشرين الثاني الجاري، وبعد أيام من زيارة سرّية أجراها رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي، رونين بار، إلى رام الله، والتقى خلالها عباس، بدأت أجهزة السلطة، بتنسيق مع الاحتلال، تحريك قوّاتها في جنين كجزء من الاستعداد لإعادة السلطة إلى المدينة. ودخلت القوّات الفلسطينية، في العشرين من الشهر الحالي، للمرّة الأولى وبشكل علني منذ سنوات، إلى المخيّم، وهو ما قاد إلى مواجهة نارية بين الأمن والشبّان، الذين رشقوا الدوريات الأمنية التابعة للسلطة بالحجارة، في حين أطلقت هذه الأخيرة الرصاص والقنابل المسيّلة للدموع عليهم، مُتسبّبة بوقوع إصابة بالرصاص الحيّ وعشرات حالات الاختناق.
مع ذلك، تقول المصادر لـ«الأخبار» إن أجهزة الأمن الفلسطينية ستواظب على دخول المخيّم، فيما يُتوقّع أن تستمرّ العملية العسكرية أسابيع عدّة، «بهدف اعتقال المسلّحين، ومصادرة الأسلحة التي في يد عناصر المقاومة، وإعادة الهدوء إلى المدينة، ومنع انطلاق عمليات ضدّ قوات الاحتلال من المخيّم».
من جهتها، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية أن العملية التي تُنفّذ حالياً في جنين، خُطّط لها قبل عام ونصف عام، لكنها أُلغيت بفعل تفشّي وباء «كورونا»، مشيرةً إلى أن السلطة الفلسطينية فقدت، في الأشهر الأخيرة، سيطرتها على جزءٍ كبير من المحافظة، على خلفية تنامي قوّة عناصر «الجهاد الإسلامي» و«كتائب شهداء الأقصى» وحركة «حماس» في المخيّم. ووفق ما نقلته «يديعوت»، فإن «كلّ عملية اقتحام لمدينة جنين كانت تنتهي باشتباكات بين الجيش والمسلّحين، وبقتلى من الجانب الفلسطيني في بعض الأحيان، حتّى وصل الأمر بالمسلّحين إلى تهديد الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار عليه، في حال اقتحم المدينة». ويأتي كلّ ذلك فيما شدّد وزير الجيش في حكومة الاحتلال، بيني غانتس، على ضرورة دعم السلطة الفلسطينية اقتصادياً من قِبَل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول المانحة، لمنع انهيارها، والدفع في اتجاه بناء «الثقة» بينها وبين الحكومة الإسرائيلية.