هآرتس – بقلم: يوسي فيرتر ما الذي بحث عنه أيمن عودة في باب العامود السبت الماضي عندما التقط صورة هناك وهو يبعث رسالة تحريض واستفزاز تدعو إلى التمرد؟ وما الذي بحث عنه ايتمار بن غفير في ساحات العمليات في “بني براك” والخضيرة وشارع ديزنغوف في تل أبيب. هذان الاثنان نسخة طبق الأصل أحدهما عن الآخر، وكل منهما يعتبر ذخراً سياسياً لزميله. المتطرفون في الطرفين يخدم بعضهم بعضاً دائماً.
ربما كانت نية عودة (حداش) أن يضر بشريكه في قيادة القائمة المشتركة، أحمد الطيبي، عن طريق خلق جو مسموم يصعب عليه مساعدة الائتلاف في ساعته الصعبة. وبعمله هذا أراد أن يكسب لنفسه بروزاً على رجل الساعة في المجتمع العربي منصور عباس (راعم)، الذي يراكم شعبية قبل الانتخابات التي تلوح في الأفق. لم تكن اعتباراته موضوعية، هذا واضح. ولكن الطريقة والمكان والتوقيت الذي اختاره تضعه كأكثر المؤشرات تطرفاً في السياسة العربية. أكثر من “تاعل” ومن الحركة الإسلامية. ربما ليس أكثر من “بلد”، لكن ليس بعيداً عنها. هذا للأسف الشديد، الرجل الذي أراد كثيرون أن يعتبروه على مر السنين شخصية معتدلة وجاسرة بين اليهود والعرب.
عودة، الذي تلقى حماماً بارداً من الإدانات وحتى من اليسار الصهيوني، سارع أمس إلى الأستوديوهات وحاول شرح موقفه. في مقابلة باللغة العبرية، تنصل بطريقة معينة من الأقوال التي نسبت له، (“لم أطلب إلقاء السلاح في وجه الإسرائيليين”، كذب)، في حين أنه دعا الدروز في مقابلة باللغة العربية عبر قناة “مكان” لترك الخدمة العسكرية. كان يصعب التوفيق بين أنصاف الجمل التي قالها. في المقابل، كان من الجميل رؤية عدد من الجنود ورجال الشرطة العرب وهم يصعدون إلى البث ويقفون أمامه ويحملون رسالة للسلام والتعايش.
ظهر الرجل وكأنه مذعور. في ذروة قوته كرئيس للقائمة المشتركة، وقف على رأس قائمة تضم 15 عضو كنيست. أما الآن وبفضل عباس (رجل الدولة والعقلاني الذي كان ذات يوم تحت جناحيه لكنه بات يعتم عليه في هذت الوقت)، سيجد صعوبة في الحفاظ على المقاعد الستة التي لديه (فعلياً ثلاثة مقاعد منها لـ”حداش”). هو في حرب بقاء وسلاحه الانفصالية والتطرف.
هذه بشرى سيئة لبينيت ولبيد، اللذين أملا وربما ما زالا يأملان في إيجاد ركيزة ضعيفة داخل الكنيست في المشتركة أو في عدد من مكوناتها. هذه الكنيست ستعود من العطلة إلى الامتحان الأكبر للائتلاف بعد شهر. هذه بشرى ممتازة لليكود، الذي غسلت يده يد عودة والطيبي وسامي أبو شحادة بمئات الأصوات في الكنيست في الأشهر العشرة الأخيرة.
نتنياهو وأصدقاؤه في المعارضة سيحاولون الآن خلق أجواء يحظر فيها على الحكومة فعل ما فعلوه باستمتاع. كان لهم يوم سبت جميل، حيث ركض فيه شخص بين الكراسي وأبرم صفقات مع قيادة “المشتركة”، وكان اسمه آريه درعي، وكان هو الشخص الذي لطخ يديه من أجله. تذكير قصير: الليكود، والأصوليون وأحياناً الصهاينة المتدينون، تجندوا مراراً لتمرير تصويتات في مواضيع رأت فيها المشتركة أمراً مهماً، مثل بناء مستشفى في سخنين، وإعفاء من الأرنونا في مؤسسات دينية عربية، ولجنة تحقيق برلمانية في موضوع تعيين معلمين عرب في جهاز التعليم، ودرة التاج هي قانون المواطنة/ لم شمل العائلات. الصور التي كان فيها أعضاء الكنيست من الليكود و”المشتركة” يطلقون هتافات الفرح في الكنيست ورقصوا الدبكة معاً عندما سقط القانون، لن تنسى بسرعة.
من الجدير برئيس الحكومة ورئيس الحكومة البديل وكل رؤساء الأحزاب في الائتلاف أن لا يسقطوا في الشرك الذي نصبه لهم الليكود. ضم القائمة المشتركة إلى الائتلاف لم يكن خياراً في يوم ما. ولكن الاستعانة بأعضائها في الكنيست للتصويت ليست أمراً مرفوضاً الآن، ولا في المستقبل أيضاً. يمكن تمرير ميزانية 2023 – 2024 بسهولة. يكفي أن يغيب عضو واحد من القائمة المشتركة.
بينيت، ولبيد، وليبرمان وساعر لا يجب أن يكونوا تطهّريين (أو طيبين، حسب تعبير وزير المالية) أكثر من نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش وموشيه غفني. الأخير يمكنه أن يعلم المذكورين آنفاً كيف يكون التعاون البرلماني، على شكل الخط الرابط بينه وبين أحمد الطيبي، الذي هو من بين الأكثر فائدة في الكنيست، من اليوم الذي أصبحوا أعضاء فيها كي يسيروا خلفه.