شروق ثقافة التكافؤ الدولي

بقلم: عبداللطيف الزبيدي 

هل يمكن الحديث منذ الآن عن تحولات ثقافية فكرية في العلاقات الدولية، أم لم يحن الوقت بعد؟ بادئ ذي بدء، لا يوجد موضوع ثقافي فكريّ أهمّ من هذا على الإطلاق. القضية تتلخّص ببساطة في أن عمدة قرية العالم لا يعرف من كل قاموس العلاقات غير العقوبات. هو دائماً زيد وأهل القرية كلهم عمرو، ولا شيء سوى الضرب. سامح الله النحو العربي، فنحن لا ندري من هو ذلك الظالم الذي حكم على عمرو المسكين بأن يظل مضروب زيد إلى قيامة تغيير المناهج، فلا ينعم حتى بصفعة على خدّ زيد، أو ركلة انتقامية في كرة القدم.


تغيير سلوكيات العلاقات الدولية، ليس سياسة إلاّ بنسبة ضئيلة. الباقي للثقافة فيه وزن عظيم، بأوسع معانيها. هنا أيضاً نعود إلى موسوعة المعاني في الآية الكريمة: «إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم». عبارة: ما بأنفسهم تتضمن السياسة، الاقتصاد، التربية، الشؤون الاجتماعية، طريقة التفكير، الدفاع، كل شيء في جميع المجالات. من هذه الأبعاد، ما ورد في كلمتي روسيا والصين في «القمّة السادسة لمؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا». خلاصة الغاية: تأسيس علاقات دولية قائمة على الاحترام المتبادل، فلا يحق لأي زيد التعدّي على أي عمرو. هذا يعني أن تنعتق منظمة الأمم المتحدة من غبن لعب دور كومبارس، لكونها تمثل جميع الدول متكافئة متساوية، ومتعاونة متضامنة، وليست صغاراً تابعين خاضعين لجبابرة.

هذه التحولات لها آثار ثقافية وفكرية وتربوية واقتصادية تنموية بلا حدود. يقيناً، ليس منطقيّاً موضوعياً، الحلم بعالم ملائكي، فالنفوس تتحدى النصوص، ونشر الأمن والأمان لا يعني نهاية اللصوص، ولكن إذا تعاضدت العزائم الصادقة كالبنيان المرصوص، لم يعد لعمدة قرية العالم من مكان مخصوص.

المشاهد التلقائية أروع بياناً أحياناً من ألف مقال وكتاب. من أجمل ما يبعث على التفاؤل بطلوع فجر جديد في العلاقات الدولية، تسوده النديّة والصداقة النزيهة، تلك الصورة المؤثرة، بعد لقاء القمة بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقد تغيّر الجو، وإذا بالأخير يدثّر ضيفه الكبير بمعطفه الخاص، ويكسر البروتوكول بأن يفتح له باب السيارة.

لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: ضمائر التغيير الإنساني هبّت إلى ميدان الفعل.