قبل أشهر، ودّع طلال الشاعر ولديه وتمنى لهما رحلة آمنة خلال مغادرتهما من قطاع غزة عبر طريق متعرج كانوا يأملون أن يصل بهم إلى حياة جديدة في أوروبا بعيدا عن الفقر والحرب.
لكن القارب الذي كان يقلهم عبر البحر المتوسط من ليبيا غرق بعد وقت قصير من الإبحار. وغرق أحد الابنين وانتُشلت جثته فيما فُقد الآخر، وبدلا من الاحتفاء بنجاح هجرتهم، وقف الشاعر يوم الأحد ليتلقى التعازي.
وقال لرويترز قبل تشييع جنازة ابنه محمد الذي أعيدت جثته مع سبعة فلسطينيين آخرين “جيل كامل ضاع، الضيق، المعاناة، الحصار اللي عنا، قلة الشغل، النفسية مش مرتاحة، هادا اللي بيخليهم يهاجروا”.
وما زال ثلاثة آخرون بينهم ابنه ماهر في عداد المفقودين.
واعتاد سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على مجابهة الصعاب بعد عقود من الحرب مع إسرائيل والقيود المفروضة على الاقتصاد والانقسامات بين الفصائل الفلسطينية. ووفقا للبنك الدولي، تبلغ نسبة البطالة في غزة نحو 50 بالمئة ويعيش أكثر من نصف سكان القطاع في فقر.
ولكن بين الآلاف الذين حضروا جنازات المهاجرين، سادت حالة من الغضب واليأس المتزايد إزاء غرق المركب في أكتوبر تشرين الأول.
ورغم تصاعد وتيرة الهجرة المحفوفة بالمخاطر إلى أوروبا في السنوات الأخيرة من أنحاء الشرق الأوسط، يشعر الفلسطينيون بشكل خاص بأنهم مدفوعون لها وعرضة للاستغلال من المهربين.
وقال أحمد الديك المستشار السياسي لوزير الخارجية والمغتربين “عصابات الإتجار بالبشر تقف خلف رحلات الهجرة غير الشرعية وهم يستغلون هؤلاء الشباب ويجعلونهم يدفعون أحيانا ما قد يصل إلى عشرة آلاف دولار للشخص الواحد. هذه رحلات موت”.
وأوضح أن العدد الإجمالي للفلسطينيين المهاجرين غير معروف. وعبر الشباب الذين شُيعت جنازاتهم يوم الأحد مصر قبل أن يتوجهوا جوا إلى ليبيا حيث انتظروا شهورا للإبحار. وتابع الديك أن المهربين يقومون في بعض الأحيان بإغراق القوارب بأنفسهم إذا شعروا بتهديد.
ويتذكر الأب المكلوم ما قاله لابنه محمد وهو يودعه “قلت له توكل على الله يمكن تلاقي حياة أفضل من هيك، أكرم من هيك”.