كشف رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية دافيد بارنيع عن فحوى آخر برقية أرسلها الجاسوس إيلي كوهين قبل سقوطه في يد السوريين عام 1965.
جاء ذلك خلال حفل تدشين متحف إيلي كوهين الوطني في هرتسليا وسط إسرائيل، على ما أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية.
وكوهين هو يهودي مصري المولد، تمكن الموساد من زرعه في قلب مراكز القوة في سوريا قبل افتضاح أمره وإعدامه.
وقال بارنيع إن الجاسوس الإسرائيلي لم يُقبض عليه بسبب كثرة نقل الرسائل المشفرة إلى إسرائيل أو بسبب الضغط الذي مورس عليه من الموساد.
وبحسب قوله “بعد بحث طويل، تم الكشف أنه لم يُقبض عليه لأنه كان يبث كثيرا- ولكن لأن العدو التقط بثه”، مضيفا “من الآن فصاعدا، هذه حقيقة استخباراتية”.
وأضاف بارنياع أنه بصرف النظر عن هذه الحقيقة “من المعروف أيضا أن إيلي كوهين استمر في الحفاظ على غطائه لفترة طويلة بعد القبض عليه، ووقف شامخا أمام محققيه وحافظ على شرفه وشرف الموساد والدولة حتى لحظاته الأخيرة”.
كما كشف بارنياع علنا لأول مرة عن آخر برقية تلقاها الموساد من إيلي كوهين قبل القبض عليه. في البرقية المؤرخة في يوم القبض عليه، 19 كانون الثاني (يناير) 1965، أفاد الجاسوس عن اجتماع عقد في هيئة الأركان السورية في الليلة السابقة بمشاركة الرئيس السوري آنذاك، أمين الحافظ.
وكُتب في الوثيقة نفسها: “لقاء في هيئة الأركان مساء أمس الساعة الخامسة مع أمين الحافظ وكبار الضباط”.
وقال “الموساد عمل وسيواصل العمل لجلب معلومات وتفاصيل جديدة حول الفترة التي عمل فيها إيلي كوهين في سوريا، وسيواصل العمل على جلب رفاته لدفنها في إسرائيل”.
كوهين، أحد أكبر جواسيس إسرائيل، عمل في سوريا وكان يُدعى من قبل الموساد “رجلنا في دمشق”. ساعدت المعلومات التي قدمها، بعد أن أصبح صديقًا للنخبة السياسية والعسكرية في سوريا، الجيش الإسرائيلي بشكل كبير في التعامل مع الهجمات السورية بين عامي 1962-1964 وكشف الخطط السورية.
في يناير 1965 تم الكشف عنه واعتقاله، وفي 18 أيار (مايو) 1965 تم إعدامه شنقا في دمشق.
لطالما كان سبب اعتقال كوهين موضع جدل – سواء أكان يبث رسائله إلى إسرائيل أكثر من اللازم أو لم يتبع التوجيهات، أو ما إذا كان الموساد طلب منه البث بشكل مكثف أكثر من اللازم.
في افتتاح المتحف، قال الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ إن “إيلي كوهين، بطل إسرائيل، أعظم جاسوس لإسرائيل. إيلي كوهين كان أسطورة رمزًا ونموذجًا”.
ولد كوهين في مدينة الإسكندرية المصرية لعائلة مكونة من أب وأم وستة أشقاء وشقيقتين، وعمل على تهجير يهود مصر إلى إسرائيل التي هاجر إليها شخصيا وهو في 33 من العمر قبل ثلاث سنوات من تجنيده.
واختارته المخابرات الإسرائيلية ليكون “مقاتلا في دمشق” تحت اسم “كمال أمين ثابت”، وخضع لتدريبات قاسية تضمنت تدريبات على أعمال المراقبة والتعقب والتصوير، إضافة لتدريبات تتعلق بتنشيط الذاكرة وتقويتها، وساعات طويلة من التدريب على أجهزة البث والاستقبال، واستخدام الرموز والشيفرة، وتدريب قصير على تنفيذ الأعمال التخريبية.
وتزوج هذا الجاسوس عام 1961 بسيدة تدعى “نادية” وأنجب منها طفلة. ثم تم إيفاده إلى الأرجنتين حيث تم هناك بناء شخصيته الجديدة على شكل تاجر عربي هاجر من سوريا لينتقل مطلع عام 1962 إلى العاصمة السورية دمشق، فيما أخبر عائلته في إسرائيل بأنه يعمل في أوروبا.
وانغرس العميل كوهين لمدة ثلاث سنوات في قلب مراكز القوة في سوريا لدرجة أن صحفا عربية وإسرائيلية قالت في باب مناكفة سوريا إنه كان يمكن لكوهين أن يكون وزيرا للخارجية السورية لو أراد ذلك أو أحد قادة حزب البعث بل حتى الأمين العام لهذا الحزب.
واعتقل كوهين يوم 18 أيار/ مايو 1965 على يد ثلاثة من رجال المخابرات السورية بقيادة الجنرال “سويداني” الذي قال للعميل فور اقتحام شقته “انتهت اللعبة”.