خلاف إسرائيلي حول جدار “غوش عتصيون”

يعتزم جيش الاحتلال الإسرائيلي، في الفترة القريبة، الشروع ببناء جدار فصل في منطقة التجمع الاستيطاني “غوش عتصيون”، الواقعة جنوب القدس المحتلة وبيت لحم، بحسب ما نشرته صحيفة “يسرائيل هيوم”، الأمر الذي يلاقي معارضة كبيرة من أعضاء في الأحزاب المشاركة في حكومة بنيامين نتنياهو.

وفيما يوضح الجيش أن بناء الجدار يأتي لدواعٍ أمنية، في إطار العملية العسكرية “كاسر الأمواج”، التي أطلقتها سلطات الاحتلال في  مارس/آذار 2022، وتستهدف نشاطات المقاومة الفلسطينية والنشطاء والتنظيمات المسلحة في الضفة الغربية، ومنع تسللها لتنفيذ عمليات داخل الخط الأخضر، يرى المعارضون أنها تفصل التجمّع الاستيطاني عن القدس والمنطقة الوسطى، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الحالية للتوسع الاستيطاني، وإلغاء “فك الارتباط” في شمال الضفة الغربية، لشرعنة بؤر استيطانية قائمة على أراضٍ فلسطينية، من ضمنها البؤرة الاستيطانية “حومش”.

وبحسب صحيفة “يسرائيل هيوم”، “بينما تماطل إسرائيل في قرار ضم الكتل الاستيطانية، تتخذ الأجهزة الأمنية خطوات تكتيكية في الميدان يمكن أن تلحق الضرر بها (أي المستوطنات) على المستوى الاستراتيجي. في عهد حكومة التغيير (حكومة نفتالي بينت – يئير لبيد السابقة)، أُعلن أن وزير الأمن سيوافق على خطط البناء في القرى (الفلسطينية) المحيطة بغوش عتصيون، والتي تخنق عملياً مدخل القدس. الآن يخطط الجيش لبناء جدار يفصل كتلة غوش عتصيون عن القدس، من أجل القضاء على ظاهرة المتسللين، على الرغم من أن هذا قد يُلحق ضرراً شديداً بالمنطقة من المنظور الاستراتيجي المتعلق بالأراضي الإسرائيلية”، على حدّ تعبير الصحيفة.


وبدأ التخطيط لتطبيق إقامة الجدار بالتزامن مع عملية “كاسر الأمواج”، كجزء من إجراءات الاحتلال لإغلاق مناطق التماس مع الفلسطينيين، ويتخلله زرع أنظمة مختلفة لصدّ أي تسلل.

في ذات الوقت، تشير المخططات إلى أن الجدار لن يكون محكماً، لعدة أسباب، من بينها عدم المساس بالطبيعة وتضاريس المكان، وذلك عقب تدخّل جهات تُعنى بحماية الطبيعة، وبالتالي سيشمل الجدار منافذ تتيح مرور الحيوانات التي تعيش في المكان، وتكون في ذات الوقت مجهّزة بأنظمة مختلفة تحول دون تسلل البشر.

ويأتي هذا الجدار، مكملاً لجدار الفصل العنصري الذي بدأ بناؤه في عهد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل أرئيل شارون في 23 يونيو/ حزيران 2002، ويعزل الضفة الغربية عن مناطق الخط الأخضر.

وقال المستوطن في مستوطنة “كفار عتصيون” يارون روزنطال، والناشط ضد إقامة هذا الجزء من الجدار، لصحيفة “يسرائيل هيوم”، إنه يشكك في جدواه على المستوى الأمني، مضيفاً: “ثمة شكوك كبيرة حول جدوى هذا الجدار، في ما يتعلق بقدرته على تعزيز أمن الإسرائيليين. الأمر المؤكد أن الجدار سيتسبب بضرر للطبيعة والمناظر الطبيعية، ولكن الأخطر أنه سيفصل غوش عتصيون عن القدس وجبال القدس، بالضبط بعد 56 عاماً على تحرير غوش عتصيون”، على حد تعبيره.

انقسام إسرائيلي حول المخطط

في غضون ذلك، أوضحت “يسرائيل هيوم” أن بناء هذا الجزء من الجدار، يثير الجدل في الساحة الإسرائيلية وتنقسم الآراء حياله، الأمر الذي أعاق تنفيذه على مدار 20 عاماً، كونه سيجعل “غوش عتصيون” خارج حدود القدس وضواحيها.

وفيما يسعى جيش الاحتلال لإقامة الجدار، رصدت الصحيفة مواقف بعض أعضاء الكنيست الاسرائيلي، من بينهم أرئيل كلينر (عن حزب الليكود) الذي قال للصحيفة: “على الرغم من أهمية مكافحة المتسللين، لكن فصل غوش عتصيون عن القدس هو أمر لا يمكن تصوره. بالتأكيد ليس في فترة حكومتنا، حكومة اليمين. سأطالب بعقد جلسة للجنة الخارجية والأمن البرلمانية للتباحث بالموضوع بأسرع وقت ممكن”.

بدورها قالت النائبة ليمور سون – هار ميلخ من حزب “القوة اليهودية” بزعامة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، للصحيفة: “في ولايتنا، لن نعزل أي بلدة (مستوطنة). الجدار لا يحل مسألة التسلل، بل الاستمرار في البناء (الاستيطاني) للربط بين غوش عتصيون والقدس”.