خطاب الرئيس في الأمم المتحدة وبيان اللجنة التنفيذية خطوة للامام وخطوتين للوراء

بقلم: وليد العوض

عقدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية اجتماعها مساء يوم الخميس السادس من تشرين الاول الجاري، وقد كان على جدول أعمالها وضع الاليات المناسبة لتحويل خطاب الرئيس ابو مازن أمام الدورة ٧٧ للجمعية العامة للأمم المتحدة الى برنامج عمل لتنفيذ مع ما ورد في الخطاب المذكور.
كما جاء هذا الاجتماع بعد زيارة أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة حسين الشيخ الى واشنطن واجتماعه مع العديد من أركان الادارة الامريكية الحالية لسبر غور ما يمكن أن تقدمه هذه الادارة غير الوعود التي تميزت بها الى جانب استمرار سياسية المراوغة وكسب المزيد من الوقت لمصلحة الاحتلال، وبيع المزيد من الوهم للجانب الفلسطيني مما ينقص من رصيده ويعرض مصداقيته للتآكل ليس فقط لدى ابناء شعبنا الفلسطيني الذين سئموا ذلك بل لدى كل رؤوساء العالم الذين استمعوا لخطاب الرئيس أبو مازن من على منبر الامم المتحدة، هذا الخطاب الذي اعتبره الكثيرون سواء من يختلفون او يتفقون مع الرئيس مؤشراً لاغلاق مرحلة تميزت بالارتباك والبؤس ، ويفتح طاقة من الامل لاستعادة مكانة القضية الفلسطينية على مختلف الصعد، خاصة وانه حمل مضامين ومفاصل مهمة يمكن ان تعيد الامور الى نصابها اذا ما تم العمل معها بجدية ، فقد اعاد الخطاب التذكير مجدداً بحقيقة جوهر الصراع التي تقول ان النكبة التي تعرض لها شعبنا عام ١٩٤٨ كانت ذروة المؤامرة وقد مثلت وصمة عار في جبين الإنسانية وبالذات في جبين أولئك الذين تآمروا وخططوا ونفذوا هذه الجريمة البشعة التي ما زالت اثارها دامية حتى الان ، كما حمل في نفس الوقت ومن على منصة الشرعية الدولية المجتمع الدولي مسؤولياته الاخلاقية والسياسية على استمرار النكبة ومفاعيلها بصمته وعزوفه عن متابعة تنفيذ قراراته ، مضيفاً بأن تحقيق السلام يتطلب تنفيذ العدالة وهذه تتطلب معالجة النكبة ونتائجها عبر اعادة الحقوق لأصحابها وفقاً لما اقرته الشرعية الدولية ذاتها.
وتجدر الاشارة بانتباه شديد لتناوله قرارات المجلس المركزي فيما يتعلق بالاتفاقات الموقعة مع الاحتلال وبانها باتت في حكم المنتهية وأن تحديد العلاقة بين فلسطين وإسرائيل ـ منذ الآن على حد تعبير الرئيس – كعلاقة بين دولتين واحدة محتلة والأخرى تحتلها بالعدوان المتواصل على الأرض ونهب الموارد وتطلق يد الجيش والمستوطنين الإرهابيين لقتل واعتقال أبناء وبنات الشعب الفلسطيني وهدم بيوته وتشكيل مُنظمات إرهابية عنصرية يهودية تمارس الإرهاب ضد الفلسطينيين وبأن إسرائيل لم تُبقِ لشعبنا أرضاً لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وهي تُسنُّ القوانين العُنصرية، وتَفلِتُ من المُساءلة والعقاب وتدير ظهرها للقوانين والاعراف الدولية مضيفاً بأن ما تفعله إسرائيل الآن هو امتداد لما فعلته عام 1948 عندما دمرت 529 قرية فلسطينية، وطردت سُكانها وارتكبت أكثر من خمسين مذبحة منذ العام 1948 وتذكير زعماء العالم بالمجازر بأن هذه المجازر مستمرة واخرها التي تعرض لها الأطفال في العدوان على غزة هذا العام والعام الماضي، وتحميل اسرائيل المسؤلية عن كل ذلك مطالباً بتحميلها المسؤولية القانونية والسياسية والأخلاقية والمادية جراء ذلك .
لقد جاء كل ذلك في خطاب حظي بقبول وتأييد غالبية شعبنا الامر الذي اعتبره الكثيرون وانا منهم مقدمة لاغلاق باب مرحلة بائسة ويفتح طريقاً لامل لم يفقده شعبنا . كما ان الخطاب رفع من السقف عبر التأكيد بأننا لن نبقى الطرف الوحيد الذي يلتزم باتفاقات التي لم تعد قائمة وقد بات من حقنا ولزاماً علينا البحث عن وسائل أخرى للحصول على حقوقنا في اشارة واضحة الى اننا من المفترض بتنا نقف على مدخل مسار مختلف عنوانه الرئيسي التصرف كحركة تحرر وطني من حقه ان يمارس اشكل الكفاح المناسبة بما لايتعارض مع القانون الدولي، بالاضافة لذلك. فان الخطاب تضمن مؤشرات تحمل بعدا سياسيا وقانونيا واخلاقيا عبر تذكير العالم أجمع بمئات القرارات المعطلة الخاصة بفلسطين التي أصدرتها الأمم المتحدة بما فيها قرار التقسيم رقم ١٨١ والقرار الخاص بعودة اللاجئين رقم ١٩٤، مذكراً بدور أمريكا في حماية إسرائيل من المساءلة، ودور بريطانيا في إقامة هذا الكيان المتمرد على كافة الاعراف القوانين الدولية. كما جدد الخطاب العزم على التوجه المحكمة الجنائية الدولية للشروع في التحقيق في هذه الجرائم فوراً ومجدداً مطالبة فلسطين بحقها بالعضوية الكاملة في الامم المتحدة وانها ستفعل انضمامها للعديد من المنظمات الدولية.
ما استعرضته أعلاه مثل جوهر خطاب الرئيس في الامم المتحدة بالاضافة للعديد من النقاط والمفاصل الهامة واحتضانه لقضية الاسرى وأسرهم وهمومهم والاستعداد لاجراء الانتخابات مع ضمانات لإجرائها في القدس عاصمة دولة فلسطين ،،، كان وما زال يستوجب على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أن تترجمه لخطة عمل شاملة والبدء بتنفيذه ولو بخطوة واحدة على الاقل اثباتاً لجدية الموقف ،، لكن مع الاسف فقد تناول بيانها هذه القضية الهامة متضمناً عبارة فضفاضة كانت على النحو التالي (وشددت اللجنة التنفيذية على أهمية وضع آليات لتنفيذ ما جاء في خطاب الرئيس الهام أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة)، ويبدو أن اللجنة التنفيذية قد عادت مجدداً لتشكيل اللجان لمتابعة الأمر وكانت قد شكلت لجان مماثلة لبحث تنفيذ قرارات المجلس المركزي وقد اجتمعت لجنة المتابعة المنبثقة عن اللجنة التنفيذية مساء الجمعة وما رشح عنها في وسائل الاعلام يشير الى اننا ذاهبون في خطوة للوراء بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، الامر الذي يحمل تساؤلاً مشروعاً ما هي الحسابات التي حكمت موقف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ودفعتها بأن تسحب الموقف الفلسطيني لخطوة الى الوراء إن لم يكن أكثر.