تقييمات إسرائيلية لـ”ممر بايدن”..

أثار إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن عن الممر التجاري الجديد الذي يمر بالسعودية والأردن، ومن هناك إلى حيفا المحتلة، ومن هناك إلى ميناء بيرايوس اليوناني، ردود فعل واسعة داخل كيان الاحتلال خصوصا أنه يمثل ضربة قاتلة للصينيين، وقد يحمل في طياته تفاهمات واسعة حول مكونات التطبيع بين إسرائيل والسعودية.

يدور الحديث تحديدا عن قطار شحن ينطلق من الهند إلى أعماق القارة الأوروبية، على أن يمرّ عبر شبه الجزيرة العربية، ويستمر في الطريق إلى الأردن وإسرائيل، ومن هناك سيتم نقل البضائع إلى أوروبا، وقد جاء إعلان بايدن بحضور رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، ما أثار في إسرائيل عناوين دسمة.

وذكر جاكي خوجي محرر الشؤون العربية بإذاعة الجيش الإسرائيلي، أن “العناوين الرئيسية في إسرائيل حملت انطباعا عاما مفاده أن مشروع السكك الحديدية العابرة للقارات علامة أخرى على التطبيع المقصود مع السعودية، لأنها موجودة فعلا على خارطة المشروع”.

وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف: “طالما أن الفكرة مربحة وبسيطة، وتحظى بموافقة الشركاء وحماسهم، فإن ما تحتاجه الآن هو التمويل فقط، لأن من شأن هذا المشروع أن يقطع المسافة إلى النصف عبر قناة النقل البحري المستخدمة حاليا خطوط التجارة من شرق آسيا والخليج العربي إلى الدول الأوروبية، على اعتبار أن النقل بالسكك الحديدية أرخص من النقل البحري”.

 

وأوضح، أن “اختصار أيام الرحلة يقلل التكاليف مرتين أو ثلاث مرات، ويبلغ طول المسار المقترح عشرة آلاف كيلومتر، ويجمع بين وسائل النقل البحرية والبرية”.

وأكد أنه “إضافة لجدواه التجارية، فإن الممر الاقتصادي، كما يطلق عليه، أضرّ بمشروع مواز أسسه الصينيون في 2012، ما يعني أننا أمام صراع الأبطال القاريين الدائر حول قضية المرور من شرق آسيا إلى أوروبا”.

وينطلق خط السكك الحديدية الصيني من مدينة تشونغتشينغ في جنوب غرب الصين، إلى دويسبورغ في ألمانيا، ويمر مساره الذي يبلغ طوله 11 ألف كيلومتر عبر كازاخستان، ويستمر إلى روسيا وبيلاروسيا وبولندا.

وأوضح أن “الإمارات أدركت منذ وقت أنها قادرة على ربط أراضيها بقطار شحن، لكن السعودية لم تقم بذلك بعد، رغم تخصيص محمد بن سلمان عشرين مليار دولار لمدّ المسارات في أراضي المملكة، وليس من قبيل الصدفة أن مفوض الاتحاد الأوروبي كان متواجدا لحظة الإعلان عن المشروع، وقد استقبل الفكرة بحماس، ليس فقط بسبب التخفيض المتوقع في تكاليف النقل من شرق آسيا إلى أراضيها، لكن أيضاً بسبب إمكانات الاستثمار الأولية”.

وبين أنه “منذ استبعاد الصينيين من المشروع، أصبحت الشركات الأوروبية على رأس القائمة لتمديد الخطوط من إسبانيا، لأن لديها بالفعل قدر كبير من الخبرة، فهي شريكة في تشغيل خط سكة حديد الحرمين الذي يربط بين المدينتين المقدستين مكة والمدينة”.

وأردف: “في مجال السكك الحديدية، يستطيع الأوروبيون أن يعلموا الأمريكيين العديد من الأشياء، رغم أن السكك الحديدية بالنسبة لهم وسيلة قديمة الطراز نسبياً”.

وقي ذات السياق أكد إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت، أن “هذه القراءة الإسرائيلية للممرّ القارّي الذي سيربطها بالسعودية عبر خط السكة الحديد تعيد للأذهان ما تم طرحه في 2017 من وزير المواصلات آنذاك يسرائيل كاتس من أجل السلام الإقليمي، لربط إسرائيل والأردن والسعودية ودول الخليج، مع العلم أن هذا الممر لم يكن جغرافيا فقط، حيث لا يقتصر على السكك الحديدية، بل ممر الطاقة والاتصالات، رغم أن الأمريكيين أطلقوا عليه اسم (الممر الاقتصادي) لربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا”.

وأضاف “قبل نصف عام، كشفت وزيرة النقل ميري ريغيف عن خطة لبناء خط قطار يربط بين الإمارات وإسرائيل، يشمل قطارا فائق السرعة بين بيت شآن وإيلات”.

وتابع: “بعد ثلاثة أشهر روجت واشنطن وتل أبيب لخطة سرية لطريق بري بين الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل، سيقود من الخليج مباشرة للموانئ البحرية الإسرائيلية، بغرض تصدير البضائع من الشرق لأوروبا عبر إسرائيل، ثم السياحة والربط البري، وسيسمح للشاحنات بنقل البضائع، مع تقليل تكاليف النقل بشكل كبير، وتقصير الوقت الذي يستغرقه لنقل البضائع مقارنة بالوضع الحالي”.

ترتبط هذه التطورات بالهدف الحقيقي لهذا الممر الاقتصادي للربط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، لفتح حقبة جديدة من الاتصال عبر السكك الحديدية، المرتبطة عبر الموانئ التي تربط أوروبا والشرق الأوسط وآسيا.

وتعتزم الولايات المتحدة وشركاؤها ربط القارتين بأوروبا والشرق الأوسط بالمراكز التجارية، وتسهيل تطوير وتصدير الطاقة النظيفة، ومد الكابلات البحرية، وربط شبكات الطاقة، وخطوط الاتصالات لتوسيع الوصول الموثوق للكهرباء، وتمكين ابتكار تكنولوجيا الطاقة النظيفة المتقدمة، وربط المجتمعات بإنترنت آمن ومستقر.