تفاصيل فاجعة استشهاد الشقيقين محمد ومهند امطير قرب حاجز زعترة

كان مساء منطقة حاجز زعترة العسكري في نابلس، يوم السبت الماضي ١٨ كانون الاول الجاري، مضمخا بالدماء القانية، التي سالت من اشلاء جسدي الشهيدين الشقيقين محمد ومهند يوسف امطير بعد ان صدمهما مستوطن حاقد بسيارته عمدا وهما يقومان باصلاح عطب أصاب احد اطارات السيارة التي كانا فيها وتقل الى جانبهما شقيقيهما الاخرين واختهما.


الرواية المؤلمة ،،

ويقول شقيقهما احمد امطير الذي التقته “ے”في بيت العزاء الذي اقيم في مقر اللجنة الشعبية بمخيم قلنديا وأمه الالاف من المواطنين من كافة انحاء الوطن ومن جميع الفصائل وعلى رأسهم القيادة الفلسطينية بكل مكوناتها، ليشكل بذلك حالة من الوحدة الوطنية المتعطش لها شعبنا، انهم كانوا عائدين من نابلس بعد يوم ممتع أمضوه في التسوق من المدينة والبلدة القديمة وتناول الغداء في أحد مطاعمها العتيقة المفعمة بالتاريخ الذي يؤكد على هويتها الكنعانية، ومن ثم قرروا العودة الى المخيم بعد انتهاء رحلتهم التي كان الهدف منها شراء بعض الاحتياجات لعرس احدى صبايا العائلة الذي كان مقررا يوم امس الجمعة.

صدمة وذهول،،

ويضيف احمد الذي كان مرافقا للشهيدين وقد بدت عليه ونحن نتحدث اليه، علامات الصدمة والذهول من الفاجعة التي ألمت بهم :” ونحن عائدون من نابلس وفي حدود الساعة الخامسة والنصف تعطل عجل السيارة ولم يعد باستطاعتنا الاستمرار بالسير قدما، فتوقفنا على جانب الطريق وهو واسع جدا وكنا ظاهرين بشكل واضح للجميع وحتى لو مرت من أمامنا شاحنات ضخمة فإنها لا تشكل أي خطورة على حياتنا”.

انفجار قوي،،

ويضيف وقد شبك كلتا يديه وضغط عليهما بقوة وابتلع دمعته :”عندما اصلحنا العجل وكانت لدينا جميع ادوات السلامة التي وضعناها على حاشية الطريق لتدلل على اننا نقوم باصلاح عطل في المركبة، اضافة الى اشعال اضواء السيارة والهواتف التي بحوزتنا، تفاجأنا بسماع صوت انفجار قوي وكنت انا واخي عبد الله واختي، فبدأنا نصرخ اين اخوتي؟ اين ذهبوا؟، وفي لحظات تحولا الى جسدين مقطعين الى اشلاء تطايرت في المكان كما شاهدتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي”.

شروط السلامة كانت متوفرة،،

ويتابع وقد صمت قليلا واغرورقت عيناه بالدموع، ثم تمالك نفسه ووقف وصافح عددا من المعزين”نحن لم نقف بطريقة عبثية في الطريق، بل راعينا جميع شروط السلامة ولا يستطيع أحد ان يدعي بأننا كنا في عرض الشارع او على حوافه، بل كنا في المكان المخصص لإصلاح الاعطال التي تصيب المركبات، لذا فإن ما جرى معنا هو عملية دهس وقتل متعمد ومع سبق الاصرار والترصد، وهذا ما قلناه لجميع وسائل الاعلام وللمسؤولين الذين أموا بيت العزاء وفي مقدمتهم رئيس الوزراء د.محمد اشتية وجميع القادة والمسؤولين الذين جاءوا لمواساتنا في مصابنا الجلل وفاجعتنا الكبيرة.”

المستوطن عاد الينا،،

ويقول احمد بعد ان تنهد بعمق وسأل الله الصبر والاحتساب:” كنت واختي واخي عبد الله نقف على بعد امتار من الشهيدين، وقد شاهدنا المستوطن وهو قادم بسيارته باتجاه نابلس ولم نعر الموضوع اي اهتمام ، وفجأة شاهدنا نفس السيارة تعود الينا بسرعة الريح ولم نسمع الا صوت انفجار قوي وبعدها غادرت نفس السيارة المكان بنفس السرعة، … نظرنا الى سيارتنا فلم نجدها ،، صرخنا بأعلى الصوت محمد ، مهند ، عدة مرات فلم يجب أحد، … نظرنا الى الشارع واذا بجسديهما مقطعين والسيارة محطمة، فسقطنا على الارض من هول الصدمة.”

فريسة سهلة ،،

ويفسر :”نحن نعتقد ان المستوطن شاهد خمسة افراد فلسطينيين يقفون على جانب الطريق فاعتبرنا طريدة سهلة الاصطياد ، فعاد من فوره وقام بجريمته البشعة التي ذهب ضحيتها شقيقاي. ونحن نقول ان دمائهما لن تذهب هدرا لأننا لن نصمت وسنتابع القضية قانونيا ونرفع قضية على دولة الاحتلال من خلال محامين اكفياء وبإذن الله لن نيأس وسنبقى نناضل قانونيا حتى الحصول على حق اخي الشهيد مهند وزوجة اخي الشهيد محمد وابنتيه الطفلتين.”

يشار الى ان الشهيد “محمد- ٣٧ عاما”، كان يعمل في ولاية بنما الاميركية لمدة تزيد على العشر سنوات مع ابناء عمومته، وبعد ان تعثر عمله هناك عاد الى البلاد واستأنف حياته العملية والاجتماعية من جديد منذ نحو ثلاث سنوات، غير ان القدر كان اسرع كثيرا من اعادة بناء ذاته ومستقبله الذي خطط له كثيرا مع عائلته اللاجئة من قرية بير اماعين في فلسطين الانتدابية، في حين توقف حلم شقيقه مهند الذي كان في سنته الدراسية الجامعية الثانية، حيث كان ملتحقا بجامعة خضوري تخصص “ادارة تقنية” ويبلغ من العمر ” ١٩ عاما”، علما ان والدهما مدرس متقاعد وقد عمل في مدارس وكالة الغوث الدولة “الاونروا” لما يزيد على الاربعة عقود من الزمن وتخرج على يديه آلاف الطلبة من ابناء مخيم قلنديا وغيره من المناطق التي عمل فيها ” الاستاذ يوسف” المعروف بدماثة اخلاقه وتواضعه ويده الممدودة للخير بلا انقطاع وقدميه اللاتي لا تتوقفان عن الذهاب الى المسجد .

وختم احمد قائلا:”نحتسبهما عند الله شهيدين ولن نسامح بدمائهما، ولن نقبل بأي رواية اسرائيلية تزور الحقيقة الواضحة مثل الشمس في رابعة النهار.”