ألقى فيليب لازاريني مفوض عام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الاونروا” خطابا تاريخيا أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للامم المتحدة اكد فيها ان 80 إلى 90 بالمائة من لاجئي فلسطين في غزة ولبنان وسوريا يعيشون حاليا تحت خط الفقر.
وقال لازاريني انه يامل “أن تؤدي المناقشة التي سنجريها اليوم للإقرار بالدور الذي لا يستعاض عنه للأونروا وإلى تصويت ساحق لتجديد ولاية الوكالة لمدة ثلاث سنوات أخرى.
واضاف “يتعرض اللاجئون الذين يعيشون في المخيمات وحولها للعنف بشكل خاص، وبلغ عدد القتلى هذا العام مستويات غير مشهودة منذ عام 2005، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة ” موضحا “في قطاع غزة، يعاني ما يقرب من نصف طلاب الأونروا من الصدمات النفسية بسبب دورات العنف المتكررة و 15 عاماً من الحصار الذي يحد من قدرتهم على النمو والانخراط مثل أقرانهم في أماكن أخرى”.
وتابع مفوض الاونروا “القوارب التي تغرق في البحر الأبيض المتوسط وعلى متنها لاجئون فلسطينيون هي تذكير صارخ بمستوى اليأس بين اللاجئين”.
خطاب مفوض الاونروا كاملا :
إنه لمن دواعي الشرف أن أقدم للجنة الرابعة للجمعية العامة تقريري السنوي حول عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا).
نأمل أن تؤدي المناقشة التي سنجريها اليوم للإقرار بالدور الذي لا يستعاض عنه للأونروا، كما أشار الرئيس، وإلى تصويت ساحق لتجديد ولاية الوكالة لمدة ثلاث سنوات أخرى.
ينتظر اللاجئون الفلسطينيون بترقب كبير الدعم والتضامن المؤكدين من المجتمع الدولي في الجمعية العامة.
إنهم ينتظرون علامة أمل ورسالة مفادها أنهم لم يتم التخلي عنهم.
القوارب التي تغرق في البحر الأبيض المتوسط وعلى متنها لاجئون فلسطينيون هي تذكير صارخ بمستوى اليأس بين اللاجئين.
لقد كان العام الماضي عاما صعبا على لاجئي فلسطين في جميع أنحاء المنطقة، مع تزايد التحديات التي تواجه إعمال حقوقهم الأساسية.
في قطاع غزة وفي لبنان وسوريا يعيش 80 إلى 90 بالمائة من لاجئي فلسطين حاليا تحت خط الفقر.
وقد زاد فقرهم سوءاً بسبب التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لجائحة كوفيد-19 وتأثير الحرب في أوكرانيا على العمالة والأسعار وارتفاع التضخم.
إن فقر لاجئي فلسطين، مقترنا بغياب عملية سياسية وأي أمل في مستقبل أفضل، يؤجج الضيق واليأس والغضب.
وفي الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، تؤثر مستويات العنف المرتفعة على قدرة الأونروا على تقديم الخدمات.
يتعرض اللاجئون الذين يعيشون في المخيمات وحولها للعنف بشكل خاص، وبلغ عدد القتلى هذا العام مستويات غير مشهودة منذ عام 2005، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة.
وفي قطاع غزة، يعاني ما يقرب من نصف طلاب الأونروا من الصدمات النفسية بسبب دورات العنف المتكررة و 15 عاماً من الحصار الذي يحد من قدرتهم على النمو والانخراط مثل أقرانهم في أماكن أخرى.
وحاليا يعتمد جميع اللاجئين تقريبا على السلة الغذائية للأونروا في غزة.
في لبنان، يقول لاجئو فلسطين للأونروا إن “أي شيء” أفضل من حياتهم اليوم.
وهم بالفعل من بين أفقر الفئات، ويعيشون في مخيمات مكتظة ويخضعون لسياسات تمييزية ممنهجة.
ونتيجة لذلك، ارتفعت وتيرة الرحلات المميتة على متن القوارب، ومعها زادت المأساة الإنسانية.
هناك ضغط على الأونروا لا يمكن تخطيه للقيام بالمزيد.
ولكن وضعنا المالي يقيد أيدينا مما يجعلنا غير قادرين على دعم مجتمع وصل إلى الحضيض.
في سوريا، يعود اللاجئون الفلسطينيون بشكل متزايد للعيش في الأحياء التي سويت بالأرض منذ سنوات، لأنه ليس لديهم خيارات أخرى.
وفي كل يوم، يخرج الأطفال من بين الأنقاض للذهاب إلى مدارس الأونروا خارج المخيمات.
نحن نسعى الآن إلى إعادة تأهيل المدارس والعيادات الصحية في مخيمات مثل اليرموك وعين التل، حيث يعود اللاجئون الفلسطينيون للعيش.
في الأردن، ضربت جائحة كوفيد-19 الاقتصاد وسوق العمل، مما أدى لتجريد جزء كبير من اللاجئين من مداخيلهم.
السيد الرئيس،
على الرغم من هذا الواقع اليومي الكئيب، تواصل الأونروا إحداث تغيير في حياة ملايين اللاجئين الفلسطينيين.
لا يزال أكثر من نصف مليون طفل يتلقون تعليمهم يوميا في أكثر من 700 مدرسة تابعة للأونروا في جميع أنحاء المنطقة.
وفي كل عام، يثبت طلابنا أنهم من بين الأكثر تفوقاً وتحقيقاً للإنجازات.
يتمكن 90 بالمائة من خريجي مراكز التدريب المهني لدينا من إيجاد وظائف في غضون عام من التخرج.
ويحصل ما يقرب من مليوني لاجئ فلسطيني على رعاية صحية أولية جيدة في المراكز الصحية التابعة للأونروا.
كما يتلقى أكثر من مليوني من أفقر لاجئي فلسطين مساعدات نقدية أو غذائية.
في العام الماضي، قدمنا ما يقرب من 14,000 قرضا للنساء لتمكينهن من الشروع في أعمال تجارية أو لضمان استمراريتها بهدف تحقيق الاستقلال المالي.
ودعم الأخصائيون الاجتماعيون لدينا 4,000 من الناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي في عام 2021.
لتحقيق كل هذا، لم نتوقف يوماً عن الابتكار!
أطلقنا في العام الماضي منصة تعليمية رقمية نالت استحسانا كبيرا من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
تساعد هذه المنصة الطلاب وأولياء أمورهم على الوصول إلى التعلم من المنزل عندما تكون المدارس مغلقة بسبب النزاع أو الأزمات الأخرى مثل جائحة كوفيد -19.
وتعد الأونروا رائدة في مجال الرعاية الصحية الرقمية في العالم النامي وتشارك معرفتها مع البلدان المضيفة وكافة الجهات العاملة في مجال التنمية.
يحتفظ نظام الصحة الإلكترونية لدينا بالسجلات الطبية لحوالي 2 مليون مريض.
وسمح لنا هذا النطام بتطبيق التطبيب عن بُعد وتطوير تطبيقات الهواتف الذكية لدعم المرضى، بما في ذلك النساء الحوامل، وتتبع صحتهم، وتذكيرهم بالذهاب إلى مواعيدهم وفحص أنفسهم بانتظام.
وقد شهد المدققون العالميون، بما في ذلك شبكة تقييم أداء المنظمات المتعددة الأطراف والبنك الدولي على فعالية الوكالة من حيث التكلفة وكفاءتها وجودة خدماتها.
اسمحوا لي أن أتوقف هنا لحظة لأعترف وأشيد بالنساء والرجال الذين يقفون وراء هذه الإنجازات والابتكارات، العمود الفقري لوكالتنا: 28,000 موظف في الأونروا – معلمون، وأطباء، وممرضون، وأخصائيون اجتماعيون، وعمال الصحة البيئية – الذين يقدمون هذه الخدمات كل يوم.
الغالبية العظمى منهم هم من اللاجئين الفلسطينيين، ويعيشون في نفس المشقة التي يعيشها الأشخاص الذين يخدمونهم.
السيد الرئيس،
أدى تغير الأولويات الجيوسياسية العالمية والتحولات في القوى الإقليمية إلى عدم إعطاء الأولوية للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
ومما يؤسف له أن عددا متزايدا من الأزمات المتنافسة على مدى العقد الماضي زاد من اللامبالاة إزاء محنة اللاجئين الفلسطينيين.
حاولت الأونروا، ولفترة طويلة جدا، التوفيق بين ثلاثة مصادر متعارضة للضغط:
أولا: ولاية الجمعية العامة التي تتطلب من الوكالة تقديم خدمات شبيهة بالخدمات العامة؛
ثانيا: النقص المزمن في التمويل الطوعي الكافي من الدول الأعضاء والطبيعة غير المتوقعة لمعظم التمويل؛
وأخيرا: فإن عدم القدرة على تغيير نطاق أو طريقة تقديم الخدمات لأن أي تغيير في طريقة عمل الأونروا ينظر إليه مجتمع اللاجئين الفلسطينيين بارتياب على أنه محاولة لإضعاف التفويض وإضعاف حقوق اللاجئين.
وكان من المتوقع، ولفترة طويلة جداً، أن تدير الوكالة نقص التمويل المزمن وفي ذات الوقت ضمان جودة الخدمات.
واليوم، يؤثر التقشف سلباً على نوعية الخدمات التي نقدمها ويقوض معنويات الموظفين.
ويشهد اللاجئون الفلسطينيون ذلك كل يوم.
السيد الرئيس،
على مدى السنوات العشر الماضية، وعلى الرغم من التواصل النشط والمستمر، أجبر نقص التمويل السنوي البالغ حوالي 100 مليون دولار الأونروا على العمل ضمن قيود مالية صارمة للغاية.
أدت فجوة التمويل إلى إبطائنا، خاصة في المجالات التي تتطلب التحديث المستمر وطرح النماذج الجديدة.
واليوم، وعلى سبيل المثال، فنحن بحاجة إلى ضخ الكثير من الأموال لتنفيذ استراتيجيتنا الرقمية، والوفاء بالتزاماتنا لتحقيق الاستدامة البيئية، واستبدال أصولنا الأساسية التي عفا عليها الزمن.
إن الحفاظ على جودة التعليم، وتخضير المخيمات، والحفاظ على معدلات التطعيم العالمية كلها عوائد ممتازة لاستثماراتنا الجماعية.
يستحق حجم ومقدار ونطاق عملياتنا 100 مليون دولار أمريكي إضافي سنويا.
وفوق أي شيء آخر، فإن 100 مليون دولار أمريكي قليلة جدا مقابل حماية الحقوق والمساهمة في الاستقرار الإقليمي الذي تجلبه الوكالة من خلال وجودها وعملياتها.
واسمحوا لي هنا أن أنوه بالدول الأعضاء التي ظلت ملتزمة بدعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين وحقوق الأونروا على مدى عقود.
بدونهم، لم تكن الوكالة قادرة على اجتياز المحن والتحديات المختلفة.
السيد الرئيس،
قدمت الأونروا على مدى سبعة عقود خدمات شبيهة بالقطاع العام لواحدة من أكثر المجتمعات فقراً وحرماناً في الشرق الأوسط.
إن الوكالة فريدة من نوعها داخل منظومة الأمم المتحدة لأنها مزود خدمة مباشر حيث تدير المدارس ومراكز الرعاية الصحية الأولية التابعة لها.
كما أنها فريدة من نوعها من حيث أنها تعتمد بشكل شبه حصري على التمويل الطوعي.
الموارد الطوعية وغير المتوقعة ليست أبداً وسيلة لتشغيل خدمات شبيهة بخدمات القطاع العام.
وعلى مدى السنتين الماضيتين، كانت أولويتي إشراك الدول الأعضاء في سبل تزويد الوكالة بقاعدة تمويل مستدامة.
في مؤتمر بروكسل الذي استضافته كل من الأردن والسويد في العام الماضي، قدمت اتفاقا: رؤية تتمثل في وكالة حديثة تعمل بميزانية ثابتة مدتها ثلاث سنوات.
لم يسفر هذا الاقتراح عن زيادة الالتزام المالي من قبل الدول الأعضاء الذي كنت آمل فيه.
وفي هذا العام، بدأت حواراً للتشجيع على طرق جديدة لزيادة وتعزيز شراكاتنا مع وكالات الأمم المتحدة، تمشيا مع القرار 302 وتمشيا مع التوصيات المتكررة للجنتنا الاستشارية.
كان الهدف هو الاستفادة من الموارد المتاحة داخل منظومة الأمم المتحدة، من خلال مطالبة الوكالات الأخرى بتقديم بعض الخدمات نيابة عن الأونروا وتحت مسؤوليتها.
وأعرب اللاجئون الفلسطينيون عن قلقهم من أن تعزيز الشراكات في غياب أفق سياسي قد يزيد من إضعاف الأونروا، وبالتالي يقوض حقوقهم.
المندوبون الموقرون،
إن تفويض الأونروا على وشك التجديد وآمل أن يتم تبنيه بنفس الحماس كما في عام 2019.
ومع ذلك، لا ينبغي أن يكون هذا إقرارا إجرائيا وروتينياً.
يجب أن يقترن ذلك بإرادة حقيقية في توفير الموارد الضرورية التي يمكن التنبؤ بها والتي تسمح للاجئين الفلسطينيين بالوصول إلى حياة كريمة.
يقوض العجز المالي المزمن قدرتنا على الوفاء بهذا التفويض. كما ويهدد العجز أيضا دورنا في المساهمة بالاستقرار في المنطقة.
وفي هذا السياق، أرحب بالمناقشات التي قادها عدد من الدول الأعضاء بشأن المساهمات المقررة لتغطية التكاليف التشغيلية للوكالة.
تتماشى زيادة المساهمات المقررة مع دعوة الأمين العام السابقة في تقريره لعام 2017 بشأن التمويل المستدام، والذي كان نتاج مشاورات بين الدول الأعضاء.
إنني أناشدكم أن تؤيدوا إقرار زيادة كبيرة في المساهمات المقررة.
نحن بحاجة إلى مساهمات تضع الوكالة على أرضية مالية مستدامة لضمان أن نتمكن من الاضطلاع بولايتنا على النحو الذي أقرته الجمعية العامة.
لكي تكون ذات مغزى، فيجب أن تشكل المساهمات نقطة تحول.
يحتاج اللاجئون الفلسطينيون إلى طمأنتهم بأن الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها تهتم وتظل ملتزمة بمحنتهم.
السيد الرئيس، السيدات والسادة،
إن غياب حل سياسي حقيقي للنزاع المستمر منذ 74 عاما يعني أن المجتمع الدولي قد فشل في حله.
ولكننا نجحنا في الاستثمار في التنمية البشرية لمجتمع لاجئين تمكن من تخريج العديد من البارزين الذين يحققون الإنجازات والنجاحات الرائعة.
عندما وافق من سبقكم هنا على إنشاء الأونروا عام 1949، لم يعرفوا أنها ستستمر لهذه الفترة الطويلة.
كان من غير الممكن إدراكه أن يظل أحفاد أولئك الذين طردوا أو فروا من منازلهم ينتظرون حلاً لمحنتهم اليوم.
ولكن ها نحن هنا، نخطو ببطء نحو الذكرى 75 لإنشاء وكالة تابعة للأمم المتحدة تم تصميمها لتكون مؤقتة.
وفي غياب حل سياسي حقيقي للنزاع، دعونا نبقى أقوياء في التزامنا بحقوق الإنسان ورفاه اللاجئين الفلسطينيين.
ربما يكون المجتمع الدولي قد خذلهم سياسيا، لكنني آمل وأناشدكم أن يواصل دعم تنميتهم البشرية بقوة، والاستجابة لاحتياجاتهم الإنسانية، وتعزيز حقهم في حياة كريمة إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم.
شكرا لك السيد الرئيس