بي بي سي: رمضان قديروف..المسلم المعروف بالجندي المخلص لبوتين

أعلن الزعيم الشيشاني رمضان قديروف في 25 فبراير/شباط الماضي انضمام المقاتلين الشيشان الموالين له إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا، وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد اتخذ “القرار الصائب وسننفذ أوامره مهما كانت الظروف” في إشارة إلى قرار بوتين غزو أوكرانيا.

وتحدثت تقارير صحافية عن تواجد عشرة آلاف مقاتل بأوكرانيا، وقد سقط عدد منهم في المعارك هناك، وبينما أقر قديروف بسقوط اثنين فقط، أشارت بعض التقارير إلى أن العدد أكبر من ذلك بكثير.

وكانت الحكومة الأوكرانية قد قالت إنها قضت على وحدة خاصة من المقاتلين الشيشان وصلت للعاصمة كييف بهدف اغتيال الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي.

وقد بثت قناة “روسيا اليوم” المقربة من الحكومة الروسية قبل يوم من اندلاع المعارك في أوكرانيا لقطات مصورة لحشود من المقاتلين الشيشان الذين تجمعوا في إحدى الساحات في العاصمة الشيشانية غروزني، وقالت إن هؤلاء ينتظرون أوامر الرئيس بوتين للتوجه إلى أوكرانيا، وفقا لموقع “بي بي سي عربي”.

ودعا قديروف القيادة الروسية إلى تغيير تكتيك المعركة واستخدام المزيد من القوة في معارك أوكرانيا. وقال: “إن القوميين الأوكرانيين لا يفهمون سوى لغة القوة وقد حان الوقت للتوقف عن مهادنة العدو ويجب البدء بعملية عسكرية واسعة ومن كافة الجهات في أوكرانيا. يجب أن نغير التكتيك الذي نتبعه معهم. يجب أن يعطي بوتين الأوامر المناسبة لكي نقضي على هؤلاء النازيين”.

وفيما يلي لمحة عن الزعيم الشيشاني رمضان قديروف والدور الذي يقوم به، وفقا لـ”بي بي سي”.

يعتبر قديروف أحد أكثر الرجال إثارة للخوف في روسيا وصاحب نفوذ قوي في روسيا الاتحادية. فهو يد كرملين القوية في بسط الأمن والاستقرار في الجمهورية القفقاسية الشمالية منذ أكثر من عقد من الزمن لدرجة أن جمهورية الشيشان باتت أشبه بإقطاعية خاصة بقديروف، يحكمها دون منازع.

وتتهم المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان قديروف بارتكاب مجموعة من الانتهاكات، بما في ذلك الإخفاء القسري للمعارضين والتعذيب واضطهاد المثليين جنسياً، كما اتهمه معارضوه بتدبير عدة اغتيالات بعضها في أوروبا لكنه نفى تورطه.

في عام 2015 أشاد قديروف برجل أمن من أصول شيشانية متهم بقتل المعارض الروسي بوريس نيمتسوف، أحد أبرز مناوئي بوتين، حيث قال إن زاور داداييف، الضابط بوزارة الداخلية الروسية “مخلص لروسيا وعلى استعداد للتضحية بحياته من أجل الوطن الأم”. وبعد يوم واحد من إشادته بداداييف حصل قديروف على وسام رفيع من بوتين، إذ نال وسام الشرف عن “الإنجازات في مجال العمل والأنشطة الاجتماعية المضنية والخدمة الطويلة بإخلاص”.

الولاء للكرملين
وأعرب قديروف عن دعمه القوي للمتمردين الموالين لبوتين في شرق أوكرانيا ولضم روسيا لشبه جزيرة القرم. وهو مدرج في قوائم عقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التي تستهدف المقربين من بوتين.

في عام 2020 أغلق “انستغرام” صفحة قديروف حيث كان لديه أكثر من مليون ونصف متابع على الموقع بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة عليه، وكان فيسبوك قد سبق وأغلق حسابه عام 2017.

في عام 2007 عينه بوتين رئيسا للشيشان، وكان والده أحمد قديروف الذي انتخب رئيساً في انتخابات شابتها مخالفات عام 2003، اغتيل بعد بضعة أشهر في انفجار قنبلة.

ولدى قديروف ميليشيا خاصة قوية مرهوبة الجانب تسمى “قاديروفتسي”، تواجه اتهامات من جماعات حقوق الإنسان بالتعذيب والخطف والاغتيالات في جمهورية الشيشان.

في أوائل التسعينيات انضم رمضان ووالده إلى المسلحين الذين كان يقاتلون القوات الروسية في حرب الشيشان الأولى، لكنهما انتقلا إلى صف الموالين لموسكو في بداية حرب الشيشان الثانية عام 1999.

ويقول مراسل “بي بي سي” إن تعامله العنيف مع الإسلاميين المسلحين مفيد لروسيا في مسعاها لتهدئة منطقة شمال القوقاز برمتها، لكن التشدد الإسلامي بات أكثر حدة في الجمهوريات المجاورة للشيشان في الوقت الذي كان يحاول بوتين تعزيز قبضته في موسكو.

ازدراء المعارضين
يتم عرض المعارضين في الشيشان في بعض الأحيان بشكل مهين على التلفزيون المحلي الذي تسيطر عليه الدولة.

على سبيل المثال عندما اشتكى بعض الأطباء من نقص معدات الوقاية مع انتشار فيروس كورونا ظهر هؤلاء الأطباء على شاشة التلفزيون الشيشاني وهم يعترفون بأنهم كانوا مخطئين.

وفي عام 2018 التقى مراسل “بي بي سي” في روسيا ستيف روزنبرغ بقديروف وأثار معه الاتهامات الموجهة إليه بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، فرد بازدراء: “الكلب ينبح لكن القافلة تستمر بالسير. الذين يكتبون هذه الأشياء عني لا أعتبرهم بشراً”.

يتذكر روزنبرغ روح الدعابة التي يتمتع بها الرجل القوي منذ لقائهما الأول في عام 2005. وبينما كان قديروف يعزف على الغيتار قال له روزنبرغ: “أنا أعزف على آلة موسيقية أيضاً، أنا أعزف على البيانو”.

فرد عليه قديروف مازحا: “إذن اعزف على البيانو الخاص بي، وإذا كان عزفك رديئاً سأضعك في سجني”.

العمل مع الصوفية
سار قديروف على خطا والده ويرعى الطريقة الصوفية الرئيسية في الشيشان وهي القادرية.

وقال الشيشاني: “كان أتباع الطريقة القادرية معادين لروسيا على الدوام لكنها تحولت للمرة الأولى في التاريخ إلى حليف لها ضد الإسلاميين”.

وأقام قديروف علاقة مباشرة مع الكرملين متجاوزاً مؤسسات الدولة البيروقراطية في روسيا، وهو ترتيب مناسب لكلا الجانبين.

وقد أتت العلاقة ثمارها حيث مولت روسيا إعادة بناء البنية التحتية في الشيشان، مثل شبكة الطرق الجديدة والمسجد العملاق في العاصمة غروزني.

عمليات القتل السابقة
يقول سيروين مور، خبير شمال القوقاز في جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة، إن روابط قديروف بجهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) تعود إلى عام 2000 على أقل تقدير وهو العام الذي أصبح فيه بوتين رئيساً لروسيا.

وقد لقيت الصحافية الاستقصائية البارزة التي أدانت أساليب قديروف آنا بوليتكوفسكايا، مصرعها بإطلاق النار عليها خارج شقتها في موسكو في عام 2006. وحكم على رجلين بالسجن مدى الحياة ولم يتم الكشف عن الجهة التي أمرت بقتلها.

وفي عام 2009 قُتلت المدافعة الروسية عن حقوق الإنسان ناتاليا إستيميروفا، بالرصاص في شمال القوقاز وكانت من الأصوات البارزة التي عارضت أساليب قديروف.

وقال مور لـ”بي بي سي” إن قديروف “بات أقرب ما يكون إلى زعيم طائفة دينية مثل بعض قادة الجمهوريات التي ظهرت في آسيا الوسطى عقب انهيار الاتحاد السوفيتي”، وبالتالي يعمل “عسكريون سابقون تحت إمرته ويقومون بأعمال تفيده والكثير من هذه الأعمال مريبة”.

كما تعرض بعض رفاقه الذين اختلفوا معه للاغتيال في الخارج مثل مرافقه الشخصي السابق عمر إسرائيلوف في فيينا وسليم ياماداييف في دبي.