شكّل الحصار الاسرائيلي المفروض على مدينة نابلس منذ أكثر من 17 يوما، تراجعا كبيرا على النشاط الاقتصادي فيها في هذه المحافظة التي تعتبر عاصمة فلسطين الاقتصادية والمركز التجاري والصناعي في الضفة، وإحدى أكبر المدن في فلسطين سكانا واهمها موقعا، باتت اليوم خسائرها تقدر بمئات الملايين في اقل من عشرين يوما بسبب القيود الاحتلالية واغلاق مداخلها.
في هذا التقرير سنعرض قصص بعض تجار القطاعات الانتاجية الأكثر شهرة في نابلس وهو قطاع تصنيع المفروشات وكيف تضرر من الحصار، لنقابل لاحقا غرفة تجارة وصناعة نابلس لمعلومات أوسع حول تداعيات الحصار على مختلف قطاعات الاقتصاد، إضافة الى رأي بعض رجال الاعمال في المحافظات الأخرى في الضفة الغربية حول تأثير الحصار على الاقتصاد الوطني عموما في باقي المحافظات.
قطاع المفروشات يعتمد بنسبة 70% على الزوار المتسوقين
صناعة الأثاث في نابلس هي صناعة قديمة وتشكل جزء كبير من الصناعة في المحافظة، وهي من الصناعات التي تحوي عدد أكبر ممكن من العمالة والتي تشكل تقريبا 40% من الصناعات التي تحوي كمية ايدي عاملة، تصدر نابلس الأثاث لكل مدن الضفة الغربية والداخل المحتل وتشكل نحو 52% من نسبة المقاصة لإسرائيل. وفيها 850 منشأة لتصنيع الأثاث بمتوسط 8 الى 10 الاف ايدي عاملة.
ساهر بعارة صاحب شركة مفروشات لتصنيع الأثاث في نابلس يتحدث عن حجم الضرر الذي يخلفه الحصار على عملهم: “الحصار أثر بشكل سلبي على قطاع المفروشات، هذا القطاع ذي شقين
الصناعي والتجاري، اصحاب معارض وأصحاب مصانع، المعارض تعتمد بشكل كلي على الزوار القادمين من مدن الضفة والداخل بنسبة 70%، وبوجود الحصار انقطع دخول الزوار للمحافظة”.
وتابع:” حركة الشاحنات لنقل الأثاث أيضا باتت صعبة جدا بسبب وجود الحواجز التي تعيق الحركة، فمثلا قبل الحصار الطريق التي كانت تستغرق 45 دقيقة للخروج من نابلس لرام الله الان أصبحت تستغرق نحو 4 الى 5 ساعات لذلك قللنا الكميات اليومية اللازمة للنقل”.
وحول حداثة خروج الوضع الاقتصادي من ازمة كورونا وبداية التعافي من الاضرار، أردف ساهر:” لا شك أن كورونا اثرت بشكل كبير على كل الصناعات الفلسطينية والعالمية وكنا مرهقين من الإغلاق بسبب كورونا وشعرنا ببعض الانتعاش والاندفاع بعد مرحلة التعافي، لكن المشكلة لدينا بطبيعة بلادنا بأن المنشأة الاقتصادية قائمة على عاتق أصحابها فقط وغير مدعومة من جهات مختصة، وبالتالي رب العمل مسؤول عن كل المتعلقات داخل المصنع من عمال وغيره من الأضرار التي تعود بشكل سلبي على صاحب المصنع”.
وحول تأثير الوضع على السياحة عموما قبيل احتفالات أعياد الميلاد، علق ساهر: ” أعياد الميلاد في أي دولة بالعالم إذا توفر فيها الامن والأمان سيكون الاقتصاد منتعش والعكس صحيح، ولقد تأثرت باقي مدن الضفة الغربية من هذا الاغلاق لأننا مدن بطبيعتها نعتمد على بعضنا بالتجارة والصناعة، نحن ندعم بعضنا لينهض الاقتصاد لكن بدون حرية التنقل وأمن مستقر للأسف سيتراجع كل شيء نحو الخلف، لكن نتأمل أن تحمل الأيام القادمة فرجا ونعود لأفضل حال”.
غرفة تجارة وصناعة نابلس: قطاع السياحة من أكثر القطاعات تضررا
تعتمد محافظة نابلس في نشاطها التجاري على المتسوقين من المحافظات الأخرى والقرى المجاورة والأهالي في الداخل المحتل، أي اعتماد كبير على السياحة الداخلية فيها، ليس فقط للتسوق بل أيضا لوجود مرافق سياحية عديدة منها الحمامات ومطاعم 5 نجوم وفنادق ومسابح، كل هذه المنشآت السياحية تضررت بالكامل والعديد منها أصبح مهددا بالإغلاق إذا استمر الحصار أكثر من السابق، وذلك حسب غرفة تجارة وصناعة نابلس.
الناطق الرسمي باسم غرفة تجارة وصناعة نابلس ياسين دويكات، قال: “الحصار الجائر على محافظة نابلس أثر على كل مناحي الحياة، عمل شلل شبه كامل وأثر على الناحية الاقتصادية لان الحصار كان بإغلاق جميع المداخل الموجودة حول نابلس وعددها أربعة، اغلاق سواء بالسواتر الترابية او الحواجز الاسمنتية او العسكرية إضافة لإغلاق جميع المداخل على القرى المحيطة بنابلس.”
وحول نسبة الخسائر الاقتصادية بسبب الحصار علق ياسين: ” لا يوجد ارقام دقيقة حول الخسائر وحجمها، ولم تبدأ الجهات المعنية بعد بحصر هذه الخسائر لان الحصار ما زال قائما وكل يوم يشتد وتزيد الخسائر، لا يوجد لدينا ارقام قطعيا لكن اقدر الخسائر بمئات الملايين على اتبار ان نابلس بلد تجاري بحث فيها العديد من تجار الحملة والمستوردين ومناطق صناعية متعددة منتشرة في اربع مواقع في نابلس، لدينا صناعات مختلفة مشهورة منها المفروشات والطحينة وكلها تأثرت لأسباب متعددة، أولها بسبب الحواجز وحرية نقل البضائع من والى نابلس والطريق باتت تأخذ وقتا أطول من المعتاد والتاجر الذي كان بالعادة يخرج شاحنتين بات يخرج شاحنة واحدة وبالتالي يكيف انتاجه مع الكم المرسل او المصدر من داخل المحافظة لخارجها اذن تأثر الإنتاج بنسبة تزيد عن 50%، عدا عن العمال هناك جزء كبير منهم من خارج المحافظة وتكون عملية دخولهم من الممكن سهلة لكن خروجهم اصعب، الضرر نسبي من محافظة لأخرى لكن نسبة الضرر اكثر على نابلس”.
واختتم ياسين: “نحاول معالجة الأثر الموجود على المحافظة بسبب الحصار لعلنا نستفيد من تجاربنا في الحصار من سنوات سابقة ونتعلم منه كيف نصبر وكيف نعمل بشكل جماعي بروح الفريق لان الله مع الجماعة، ونحن كلنا امل ان نخرج من تداعيات هذا الحصار قريبا”.
البورصة في نابلس الوحيدة التي لم تتأثر بالحصار
حسب رجل الاعمال المعروف والاقتصادي الفلسطيني البارز سمير حليلة رئيس مجلس إدارة بورصة فلسطين، افاد ب أن على الأقل بورصة فلسطين والتي مقرها نابلس المعروفة رسميا ب سوق فلسطين للأوراق المالية، لم تتأثر من الحصار بشكل مباشر لأن التداول فيها الكتروني، فهي ما زالت تعمل بدون توقف ولا دقيقة واحدة حتى الان بالرغم من أن التداول حاليا أضعف من باقي الأيام، لكن هي ما زالت تعمل ولم يعقها الحصار المفروض على نابلس حتى الان.
وحول تأثر باقي محافظات الوطن اقتصاديا من حصار نابلس قال سمير:” بدون شك أن الاقتصاد الفلسطيني يتأثر بالإجراءات الإسرائيلية وهجماته على نابلس او جنين، الموضوع ليس فقط إغلاق مباشر للحركة بنابلس ومحيطها او جنين ومحيطها بل ان المشكلة تتعلق في ظرف سياسي امنى عام يهبط كثير من المستثمرين ورجال الاعمال والوضع الاقتصادي بشكل عام، لكن التأثير المباشر والاكبر يكون على نابلس وجنين بسبب انقطاع السياحة الداخلية التي تعتمد على اهالينا في الداخل المحتل وإمكانية دخولهم للمحافظتين”.
واختتم: “إذا طال الحصار أكثر ف ان الاقتصاد سيتضرر ويضعف عناصر الانتعاش التي بدأت في هذا العام وحسب البنك الدولي فانه قال انه من الممكن مع نهاية العام الجاري ان تحقق 3.5% نمو بالدخل المحلي، لكن من الممكن ان يكون هناك أسئلة على هذه النسبة إذا طال الحصار أكثر على نابلس، الان التأثير بمناطق أخرى قد يكون اقل لكن هناك جو عام الكل يشعر فيه هناك اندفاع شعبي واسع للذي يحصل وهذا يشل الحركة التجارية او يضعفها بشكل او ب اخر.”
*تقرير: حياة حمدان