لندن – أنقرة: انعكست آثار الخلافات الأخيرة بين جبهتي الإخوان في لندن-أنقرة على الوضع الاقتصادي والمالي للتنظيم الإرهابي، لا سيما في مصر.
وتوقع خبيران في تصريحات خاصة لـ”العين الإخبارية” الإماراتية، أن تؤدي الخلافات والانشقاقات الأخيرة إلى انعكاسات وخيمة على استثمارات الإخوان في الداخل المصري.
فرجال الأعمال والمستثمرون الإخوان في مصر أو الممولون مالياً من الخارج قد انقسموا بشكل مباشر إلى طوائف وجماعات، وذهب كل فريق منهم لتأييد جبهة من جبهتين، لندن وأنقرة.
ومنذ شهور انشطر تنظيم الإخوان إلى جبهتين بسبب الصراع على من يتولى أمر التنظيم ماليا وإداريا، الأولى يقودها الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين من داخل تركيا، فيما يقود الثانية القائم بأعمال المرشد العام للتنظيم إبراهيم منير البريطاني المقيم بلندن.
وتصاعد الصراع بين الجبتهين وحشد كل فريق للآخر، وآلت الصراعات إلى إعلان جبهة محمود حسين من تركيا عزل القائم بأعمال المرشد من لندن إبراهيم منير من منصبه وتولي القيادي الإخواني مصطفى طلبة مهام المرشد لمدة ستة أشهر، وهو ما رفضه منير وجبهته.
انعكاس مباشر
يخشى أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي داخل مصر وخارجها من الآثار والتأثيرات المباشرة التي ستنتج عن الخلافات بين الجبتهين، والتي سيكون مؤداها أن تتأثر عمليات ضخ الأموال بالشكل الاعتيادي لدى الجماعة، التي تعتمد على مصادر متنوعة للدعم المالي داخلياً وخارجياً منذ عقود.
وفي هذا الشأن يرى الكاتب والمحلل السياسي المصري هاني عبدالله، في تصريحات خاصة لـ”العين الإخبارية”، أن تفاقم الأزمة بين جبهتي الإخوان سيكون له آثار مباشرة على المحركات الاقتصادية للجماعة، باعتبار أن رجال الأعمال كانوا طيلة الوقت منحازين إلى جبهة من الجبهتين الرئيسيتن، ولم يكن ذلك معلناً بسبب عدم وجود خلافات.
ومع ظهور الخلافات إلى السطح انقسم بالفعل رجال الأعمال والمستثمرين التابعين للإخوان إلى جبهتين متصارعتين، وسيؤدي ذلك في المدى القريب إلى مشكلات تنظيمية هيكلية واقتصادية كبرى داخل كيان التنظيم في ظل إصرار كل جبهة لتحقيق أكبر نصر ممكن على الجبهة الأخرى.
رابطة المصريين في الخارج
ويعتبر عبدالله أن ما يعرف برابطة المصريين العاملين في الخارج، التابعة للإخوان، تشكل أبرز مصادر الأزمات الاقتصادية التي ستوثر على المحفظة المالية للجماعة، ذلك بأنها تعتبر أكثر الروافد التي تضخ أموالا لصالح مكتب الإرشاد في مصر، وبكل تأكيد فإن انشطارها إلى شطرين سيؤدي إلى عواقب اقتصادية وخيمة على التنظيم الدولي.
وتابع: “بحسب معلوماتي الشخصية، هذه الرابطة كانت تضخ وحدها نحو مليون دولار سنوياً بطرق ملتوية إلى الداخل المصري، وانقطاع هذا المصدر سيؤدي إلى ضعف الكيان الاقتصادي للتنظيم في الداخل، خاصة أن الصراعات انتقلت إلى الدائرة الممولة”.
الاستثمارات والتمويل
تتأثر حركة النشاط المالي للجماعة، حسب عبدالله، جراء الخلاف بين الجبهتين سيما أن شكلا كبيرا من الإدارة المالية لهم في الداخل والخارج على هيئة اسثمارات وشركات تدير المحفظة المالية الخاصة بالتنظيم، والانقسام الذي طال رجال أعمال الجماعة، سيؤثر أيضاً على ماليات التنظيم خلال الفترة الحالية والمقبلة ولا نتصور هذا الجرح الغائر.
وتعتمد جماعة الإخوان منذ نشأتها قبل نحو 9 عقود على الاشتراكات الاعتادية من الأفراد كل حسب مقدرته المالية، فضلاً عن الدعم القادم من الخارج، لهذا يرى عبدالله أن تحفظ الدولة على الجزء الأكبر من أموال تنظيم الأخوان لم يمنع حركتها كلياً، باعتبار أن الدولة المصرية لا تستطيع أن تمد يدها لاستثمارات في كل كل القارات تابعة للإخوان.
ويقول عبدالله إن تنظيم الإخوان سيواجه مشكلات خاصة بالجمعيات والمراكز التابعة له في أوروبا والعالم، سيما أنه يمتلك نحو 29 جمعية تتبع التنظيم في أمريكا وكندا، وله فروع ولو مستترة في كافة الدول الأوروبية، والكثير من الأفرع في آسيا لها من النشاط المالي ما يدعم ماليات التنظيم، وسينعكس الخلاف الأخير عليها سيما، وهي جزء رئيسي من المعترك الأخير للتنظيم.
وفي السياق ذاته يؤكد أستاذ الاقتصاد السياسي المصري كريم العمدة، في تصريحات خاصة لـ”العين الإخبارية”، أن تنظيم الإخوان له باع طويل في العمل الاقتصادي منذ نشأة التنظيم تقريباً.
ولهذا هدفت الجماعة بشكل رئيسي على التوغل في الدول بشكل اسثتماري يضمن استمرار وجودها بشكل اقتصادي داخل تلك الدول، ومن أبرز تلك الدول دولة ماليزيا، فضلاً عن بريطانيا التي تحضنهم بشكل كبير وكذلك تركيا.
ويشير العمدة إلى أن التناحر الأخير بين جبهتي منير-حسين سيكون له تأثير مباشر على الاستثمارات الخاصة للجماعة داخل مصر وخارجها، لأن الفرق الإخوانية شرسة في صراعتها ما سيؤدي إلى مزيد من الانقسام.
ولهذا السبب يرى العمدة أن الفرقتين المتصارعتين قد تميلان إلى الاعتماد على بعض النشاطات الاقتصادية في دول أفريقية وآسيوية صغيرة وفقيرة، باستغلال حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي، وأيضا بالتحالف مع بعض التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة التي تنهب خيرات هذه الدول وتستثمر فيها بشكل غير قانوني، مثل مناجم الذهب والمعادن في الساحل الأفريقي.