قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، “إن قلقًا يسود الأوساط الفلسطينية والدولية من اتساع نطاق النشاطات الاستيطانية والتهويدية في ظل صعود الفاشية الصهيونية، التي تمكنت من فرض أجندتها على زعيم الليكود ورئيس الحكومة الإسرائيلية القادمة، بنيامين نتنياهو، خاصةً بعد أن أصبح واضحًا أن الأخير سوف يقلص من مشاركته في موافقات البناء في المستوطنات بشكل كبير بعد أن نقلت هذه الصلاحية بحكم الاتفاقيات الائتلافية، وبحكم الأمر الواقع إلى شريكه في الحكم “بتسلئيل سموتريتش” .
وفي هذا السياق، قال المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، “تور وينسلاند” في إحاطة قدمها لمجلس الأمن الدولي، “إن سلطات الاحتلال ضاعفت بـثلاث مرات مخططات بناء وحدات استيطانية في القدس الشرقية خلال العام 2022 مقارنة مع العام الذي سبقه، حيث دفعت سلطات الاحتلال مخططات لبناء 3100 وحدة استيطانية في القدس الشرقية المحتلة في العام 2022، مقارنة مع 900 في العام 2021”.
وأشار إلى تضاعف العطاءات الاستيطانية في المدينة من 200 في العام 2021 إلى 400 في العام 2022. وذكر “وينسلاند” أن سلطات الاحتلال دفعت مخططات لبناء 4800 وحدة استيطانية في الضفة الغربية في العام 2022 مقارنة مع 5400 في العام 2021، وأكد ان التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية ما زال مصدر قلق عميق، حيث تشكل المستوطنات انتهاكاً صارخاً لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي وتقوض احتمالات تحقيق حل الدولتين.
وأشار المكتب الوطني، إلى أن حكومة (نتنياهو– بن غفير- سموتريتش) لن تكون كما هو واضح أقل سخاء في الموافقة على نشاطات استيطانية واسعة تتجاوز تلك التي صادقت عليها حكومة (لبيد – غانتس)، التي واصلت في القدس المحتلة النشاطات الاستيطانية والتهويدية على اختلاف أشكالها، مؤشرات ذلك كثيرة ومنها الاتفاق بين “نتنياهو” و”سموتريتس” على تخصيص 8 مليار شيقل لتوسيع شوارع المستوطنين.
ومن الواضح أن القدس سوف تكون في بؤرة تركيز هذه النشاطات التي تستهدف القدس ومحيطها بنشاطاتها الاستيطانية والتهويدية.
وفي هذا السياق، رفعت بلدية الاحتلال في مدينة القدس المحتلة مؤخرًا ميزانية تهويد المدينة في عام 2023 المقبل بنحو مليار شيقل إضافي، حيث صادقت اللجنة المالية التابعة للبلدية على زيادة “ميزانية التطوير” في العام المقبل لتصل إلى 6 مليارات شيقل، في زيادة وصلت إلى 20% مقارنة بالعام الجاري، والميزانية المذكورة هي الأعلى لبلدية الاحتلال في القدس على الإطلاق، وسيتم استغلال المبلغ في عدة مجالات، بينها التعليم والرفاه وتخطيط المدينة والاحتياجات الأمنية.
وتضم الميزانية الجديدة خططًا استراتيجية لتعزيز البناء الاستيطاني في المدينة عبر منح الحوافز للمستثمرين وشق الطرق حول المدينة وداخلها، ضمن خطة شاملة لتعزيز الوجود اليهودي في المدينة المحتلة. وبلغت نسبة الزيادة على بند الاحتياجات الأمنية والطوارئ 143% عن العام الماضي، كما تشمل الميزانية تطوير البنى التحتية، بالإضافة إلى تعزيز نظام الحماية عبر نشر المزيد من كاميرات المراقبة المتطورة وخاصة في الأماكن العامة.
كما شرعت سلطات الاحتلال ببناء الجسر الخشبي التهويدي المعلّق فوق وادي الربابة بين الثوري وسلوان، في القدس الشرقية المحتلة وذلك كجزء من خطة الحكومة لتطويق المدينة القديمة بالمستوطنات ذات الدوافع التلمودية .وكانت ” اللجنة المحلية واللوائية” في بلدية الاحتلال قد وافقت عام 2020 على البدء بتنفيذ المشروع التهويدي ، بعدما رفضت كل الاعتراضات التي قدمها أصحاب الأراضي والمؤسسات المعنية في سلوان لمحاكم الاحتلال والبلدية. ويبلغ طول الجسر حوالى 200 متر بتكلفة تصل إلى 20 مليون شيكل ، ومن المتوقع استكماله في شهر أيار من العام االمقبل، ووفقاً للخطة يشمل بناؤه أعمال التطوير على جانبي الجسر، والتي ستشمل الممرات والسور والشوارع وأنظمة التظليل والمناظر الطبيعية والري، وأعمال الإضاءة على جانبي الجسر وعلى طوله.
في الوقت نفسه، تتواصل أعمال تجريف تجريها جمعيات استيطانية بالتعاون مع سلطات وبلدية الاحتلال في أراضي وقفية تابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية في المنطقة الملاصقة تمامًا للسور الجنوب الشرقي للأقصى، ومنطقة القصور الأموية والتي لا تبعد عنه 80 مترًا، حيث تنوي هذه الجمعيات الاستيطانية إقامة “حدائق توراتية” وتنفيذ مشاريع أخرى في المنطقة المستهدفة، ضمن مشروع لإحاطة البلدة القديمة والمسجد الأقصى بحزام من “الحدائق التوراتية”، وتهويد المنطقة بالكامل، علما أن المساحة التي يجري العمل على تجريفها تبلغ 50 دونمًا تقريبًا، من المساحة الكلية البالغة نحو 120 دونمًا، وهي عبارة عن وقف إسلامي خالص.
وفي سياق مخطط محاصرة المدينة المقدسة بالمستوطنات وتهويدها تخطط الإدارة المدنية بموافقة وزير جيشها “بيني غانتس” لتقديم خطة أمام المحكمة العليا الاسرائيلية تهدف الى ترحيل سكان قرية الخان الأحمر البدوية في القدس المحتلة الى مكان قريب من مكانها الحالي على ارض خالية على بعد 300متر من الموقع الحالي، حيث تستعد “العليا” الاسرائيلية لتعقد جلسة بعد شهر ونصف تستمع فيها لرد ممثل الدولة بشأن اخلاء الخان الأحمر.
وتوقعت جمعية “عير عاميم” وهي جمعية يسارية إسرائيلية، تعنى بشؤون الاستيطان في القدس الشرقية المحتلة، أن يؤدي تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلى ازدياد عمليات التهجير الجماعي في المدينة.
وقالت في تغريدة على “تويتر”: “في ظل الحكومة القادمة، مع تعبير السياسيين المتطرفين علناً عن دعمهم لدفع سياسات الاستيطان، لا يمكننا إلا أن نتوقع تدهوراً بالوضع في بطن الهوى (سلوان) وغيرها من مجتمعات القدس الشرقية التي تواجه عمليات تهجير جماعي”.
وأضافت: “إن المستوطنين المدعومين من الدولة يهدفون إلى الاستيلاء على منازل الفلسطينيين من أجل الاستيطان اليهودي .ولفتت إلى أنه تستند مطالبات الإخلاء إلى القانون الإسرائيلي التمييزي، الذي يسمح لليهود بوضع اليد على ممتلكات يدعون أنهم فقدوها في العام 1948، ومعلوم أن الاحتلال يمنع الفلسطينيين من المطالبة باستعادة ممتلكات فقدوها إثر نكبة العام 1948”.
نشاط استيطاني
وفي سياق متصل بالنشاطات الاستيطانية لدولة الاحتلال، تتوقع مصادر متطابقة تصاعد
عمليات البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة بعد فوز أحزاب اليمين الإسرائيلي في الانتخابات قبل أكثر من شهر ونصف، حيث تم رصد عمليات بناء موسعة في البؤر الاستيطانية منذ فوز اليمين بداية تشرين ثاني الماضي، في محاولة لفرض وقائع جديدة على الأرض.
ويتركز العمل حاليًا في البؤر الاستيطانية مثل “حومش” التي تعهد قادة أحزاب المستوطنين بشرعنتها في أول 100 يوم من عمر الحكومة اليمينية المقبلة، إذ لوحظ نشاط واسع داخل تلك البؤرة. وكان عضوا الكنيست، “يولي إدلشتاين”، من حزب الليكود، و”أوريت ستروك” من حزب الصهيونية الدينية، قد تقدما بمشروع قانون وقع عليه 35 عضو كنيست من أحزاب الائتلاف المقبل، بينهم نتنياهو لهذا الغرض.
وكانت الحكومة المنهية ولايتها برئاسة “يائير لبيد” قد ابلغت في آب الماضي المحكمة الإسرائيلية العليا بأنها لا تعتزم إخلاء البؤرة الاستيطانية “حومش” ورفضت تحديد موعد لإخلائها. وفي المقابل شددت الإدارة المدنية التابعة للاحتلال من متابعتها للبناء الفلسطيني في مناطق(ج) بالضفة الغربية، كما تضاعفت عمليات هدم المباني في تلك المناطق خلال الشهرين الأخيرين. ويسابق المستوطنون الزمن سعيًا لفرض وقائع على الأرض وإقامة بؤر استيطانية جديدة تمهيدًا لتحويلها لمستوطنات قائمة، يساعدهم على ذلك الاتفاق الائتلافي بين الليكود وأحزاب المستوطنين على شرعنة البؤر القائمة خلال الـ100 يوم الأولى من عمر الحكومة المقبلة.
وللسيطرة على السفوح الشرقية للضفة الغربية أصدرت سلطات الاحتلال أمراً عسكرياً تستولي بموجبه على 3492 دونماً من أراضي قرية عقربا في محافظة نابلس، تقع في الحوض رقم (13) طبيعي من جبل القرين، والحوض (14) طبيعي من جبل المسترة من أراضي قرية عقربا، بحجة أنها أراضي دولة، وحظرت دخول المواطنين الفلسطينيين أصحاب الأراضي بحجة أنها “أراضي دولة”، في مخطط كبير يهدف إلى السيطرة على السفوح الشرقية للضفة الغربية وتحديداً الملاصقة للأغوار من خلال السيطرة على مساحات شاسعة في هذه المنطقة، فيما شق مستوطنون من مستوطنة “مجدوليم” القائمة على أراضي بلدة قصرة جنوب نابلس، طريقا ترابية من الجهة الغربية للمستوطنة بمحاذاة سهل كفر عاطية، تمهيدا للاستيلاء على ما يزيد عن 200 دونم من أراضي المواطنين فيها، في حين تتواصل دون توقف عربدة المستوطنين في محيط مدينة نابلس وعلى الطرقات التي تربطها بالمحافظات الاخرى.
فقد هاجم عشرات المستوطنين منازل المواطنين في الجهة الجنوبية من قرية بورين وأطراف مادما، وحطموا نوافذها وأطلقوا الرصاص الحي تجاه المواطنين الذين تصدوا لهم، وقد أصيب مواطنون من قرية مادما خلال تصديهم لاعتداءات المستوطنين من مستوطنة “يتسهار”، كما هاجم مستوطنون مركبات المواطنين بالحجارة في بلدة حوارة جنوب نابلس بالقرب من دوار سلمان الفارسي والطريق الواصل بين حوارة وقلقيلية، الأمر الذي أدى إلى تضرر عدد منها. في الوقت نفسه أحرقت مجموعة من المستوطنين محلا تجاريا ومشتلا في قرية الساوية على الطريق الواصل بين نابلس ورام الله، وسط محاولات تفجير المكان باستخدام أسطوانة الغاز.
وأمام تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية للاحتلال والاستيطان دعا رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة، “يوسي دغان” الجيش الإسرائيلي لشن عملية عسكرية في نابلس وطالب بضرورة إغلاق الحواجز حول المدينة من أجل منع موجة جديدة من أعمال المقاومة.
كما ادعت عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب الصهيونية الدينية، “ميشال فالديجر” إن ضم مناطق الضفة الغربية يجب أن يتم في الوقت المناسب وبدون تهور، وبعد تفكير عميق ودعت إلى عدم الاستعجال لتنفيذ هذه الخطوة، مشيرةً إلى أنه يجب التركيز حاليا على عمل الإدارة الدنية لخدمة نصف مليون مستوطن يعيشون في مستوطنات الضفة الغربية. وأكدت أن الضم هو أحد أهداف حزبها الذي يقودها “بتسلئيل سموتريتش”، لكنها لا تعرف متى سيحدث بالضبط.