التوتر في الضفة الغربية يتدحرج نحو الأسوأ وسط تبادل التهديدات بين الفصائل وإسرائيل

Palestinian protesters hurl rocks at members of the Israeli army during a reported raid in the Palestinian Askar refugee camp near Nablus in the occupied West Bank, on December 18, 2022. (Photo by JAAFAR ASHTIYEH / AFP)

تصاعدت حدة التوتر الحاصل بين الفلسطينيين وإسرائيل في الضفة الغربية هذا الأسبوع مع سقوط ضحايا من الجانبين، ما دفع مراقبين فلسطينيين وإسرائيليين إلى التحذير من تدحرج الأمور نحو الأسوأ.


ومنذ (الخميس) الماضي قتل 3 فلسطينيين بنيران الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية ما يرفع عدد القتلى الفلسطينيين منذ بداية العام الجاري إلى أكثر من 200 شخص غالبيتهم بالرصاص في ظل موجة غير مسبوقة منذ أعوام وفق إحصائيات فلسطينية رسمية.

في المقابل قتل 3 إسرائيليين بينهم امرأة هذا الأسبوع في عمليتي إطلاق نار منفصلتين في الضفة الغربية، ما رفع عدد القتلى في إسرائيل منذ بداية العام إلى 30 شخصا في عمليات إطلاق نار ودهس وطعن وفق إحصائيات إسرائيلية رسمية.

وعلى إثر العمليتين الأخيرتين شن الجيش الإسرائيلي حملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية طالت عشرات الأشخاص من بينهم كوادر في حركتي الجهاد الإسلامي والمقاومة الإسلامية (حماس)، وأعلن لاحقا الجيش اعتقال قواته مشتبهين بتنفيذ هجمات مسلحة وضبط أسلحة.

تهديدات متبادلة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل

عقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للحكومة الإسرائيلية (الكابينيت) اجتماعا طارئا أمس (الثلاثاء) برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لبحث الأوضاع في الضفة الغربية، وقرر بحسب بيان صدر عن مكتب الأخير اتخاذ خطوات تستهدف منفذي العمليات الفلسطينيين ومرسليهم.

وتعليقا على ذلك قالت حركة حماس على لسان الناطق باسمها حازم قاسم في بيان إن “تهديدات الاحتلال بتصعيد عدوانه لا تخيف شعبنا ولا مقاومته”، مشيرا إلى أن “العدو يشن حربا مفتوحة على شعبنا بشكل يومي”.

بدوره اعتبر الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة في بيان أن “تهديدات الاحتلال لا تخيف الشعب الفلسطيني ومقاوميه وأن المقاومة ستمارس حقها الطبيعي والمشروع في التصدي والرد على أي عدوان”.

وفي أعقاب العمليات الأخيرة قرر الجيش الإسرائيلي بحسب بيان صدر عن الناطق باسمه أفيخاي أدرعي أول أمس (الاثنين) تعزيز قواته العاملة في الضفة الغربية بكتيبة واحدة وسريتين عسكريتين بهدف المساعدة في النشاطات الدفاعية في المنطقة.

وقال يهودا فوكس قائد المنطقة الوسطى (الضفة الغربية) بالجيش الإسرائيلي للإذاعة العبرية إن بلاده تواجه “أوقاتا صعبة وموجة إرهاب” لم تشهدها منذ فترة طويلة، مشيرا إلى أن الجيش وقوات الأمن يعملون يوميا في كل مكان في الدفاع ومنع وإحباط الإرهاب في المدن والقرى والمخيمات.

وعادة ما تندلع مواجهات واشتباكات مسلحة بين القوات الإسرائيلية والشبان الفلسطينيين في مدن وقرى وبلدات ومخيمات الضفة الغربية على إثر عمليات الاقتحام التي تنفذها بهدف اعتقال مطلوبين لديها والتي زادت وتيرها الأيام الماضية.

الأمور تتجه نحو التصعيد

يقول الكاتب والمحلل السياسي في رام الله أشرف العجرمي إن الأوضاع ذاهبة نحو المزيد من التصعيد في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي وازدياد حدة جرائم المستوطنين اليومية بغض النظر عن حصول أو عدم حصول عمليات فلسطينية.

ويضيف العجرمي لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن الانفجار الذي اشتعل فتيله في الضفة الغربية يحرج الحكومة الإسرائيلية ويظهر هشاشتها وفقدانها السيطرة على مجريات الأمور وهو عكس ما كانت ترغب فيه، معتبرا أن كافة الإجراءات العقابية “لا تجدي نفعا مع شبان قرروا الانضمام للمقاومة المسلحة”.

ويوضح أن حكومة بنيامين نتنياهو “لا تستطيع فعل شيء في مواجهة المقاومة الفلسطينية التي لم تعد تنحصر في الأشكال الشعبية السلمية التي تريدها السلطة الفلسطينية بل اتسع نطاقها لاستخدام السلاح بصورة مكثفة وفي مختلف أرجاء الضفة الغربية من شمالها إلى جنوبها”.

ويرى العجرمي أن التصعيد الحاصل هو نتيجة حتمية للعدوان المستمر من المستوطنين المحميين والمدعومين من قوات الجيش وغياب الأفق السياسي والأمل في الوصول إلى حل سياسي عادل ينهي الاحتلال الإسرائيلي ويؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وحل كافة قضايا الصراع الجوهرية.

وتوقفت آخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل في نهاية مارس العام 2014، ويطالب الفلسطينيون بتحقيق دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل على كامل الأراضي الفلسطينية التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1967 بما يشمل الضفة الغربية كاملة وقطاع غزة وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية.

حكومة نتنياهو تتحمل مسؤولية تصعيد العمليات

ويقول عصمت منصور المختص بالشأن الإسرائيلي إن الحكومة الإسرائيلية اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو تنتج يوميا عشرات الأسباب التي تؤدي إلى قيام الشبان الفلسطينيين بالعمليات الفردية التي تؤرق النظام الإسرائيلي أكثر من العمليات المنظمة.

ويضيف منصور أن الشعب الفلسطيني وفصائله لديه مجموعة من القضايا تزيد من حدة التوتر الميداني تتمثل باقتحام جماعات المستوطنين للمسجد الأقصى شرق مدينة القدس وتنفيذ اعتداءات في الضفة الغربية، يترافق مع ذلك عمليات قتل وهدم منازل ومصادرة أراضي والاعتداء على الأسرى.

وتابع منصور أن الممارسات والإجراءات الإسرائيلية تدفع بهذا النوع من العمليات الفلسطينية وعندما تكون قوية توصل رسالتها بشكل واضح للإسرائيليين ولكن يفضلون تجاهلها ويخضعون لضغط المستوطنين الذين يطالبون بإجراءات وخطوات تزيد من حالة الاحتقان وتدفعها أكثر نحو الانفجار.

وقالت الرئاسة الفلسطينية على لسان الناطق باسمها نبيل أبو ردينة إن “العنف الإسرائيلي المتصاعد ضد الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته على جميع المستويات السياسية والأمنية والمالية، من خلال السرقة الشهرية للأموال الفلسطينية لن يجلب السلام والاستقرار لأحد”.

وأكد أبو ردينة في بيان وزع على الصحفيين أمس (الثلاثاء) أن “الأمن لا يتجزأ إما سلام وأمن للجميع أو لا سلام ولا أمن لأحد”، مشيرا إلى أن إدانات العالم لم تعد تكفي والغياب الأمريكي والموقف السلبي الذي تتخذه الإدارة الأمريكية ساهما في زيادة اشتعال الأوضاع على الأرض”.

وفاز نتنياهو وحلفاؤه من اليمين المتشدد بـ 64 مقعدا في الانتخابات التي أجريت في الأول من نوفمبر الماضي، وأدت حكومته الجديدة اليمين الدستورية في 29 ديسمبر الماضي لتكون أكثر حكومة يمينية في تاريخ إسرائيل.


حماس تسعى لتسخين الضفة الغربية

ويدفع تصاعد العمليات الفلسطينية الفردية في الضفة الغربية التي تعتبر هي الأعلى منذ أعوام طويلة إلى حدوث تصعيد عسكري ما بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية المسلحة كما جرى في العام الجاري والماضي.

يقول المراسل العسكري لصحيفة “معاريف” العبرية تال ليف رام إن حماس تقود جهودا لتسخين الضفة الغربية والدفع لتنفيذ المزيد من العمليات ضد أهداف إسرائيلية كان هذا العام هي الأعلى ما يدفع إلى توجيه ضربة تضر بمقدراتها داخل قطاع غزة أو لبنان.

ويشير تال ليف رام في مقال نشر على الصحيفة إلى سلسلة العمليات التي نفذتها حماس في الضفة الغربية مؤخرا والتي تبنتها على غير العادة، بخلاف عمليات نفذتها سابقا وامتنعت عن تبينها لظروف مختلفة.

بدوره، دعا رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق مئير بن شبات الحكومة الإسرائيلية لإعادة النظر في سياساتها المتعلقة بتصاريح العمل للعمال من قطاع غزة إلى إسرائيل وصياغة خطة منهجية لمنع تهريب الأسلحة في ظل دعم حماس الكبير للعمليات في الضفة.

ويؤكد شبات في تصريحات للإذاعة العبرية العامة ضرورة تكثيف الجهود الرامية لاتخاذ تدابير مضادة ضد البنية التحتية لحماس في كافة المناطق وتدفيعها ثمنا باهظا، مطالبا باغتيال الشخصيات في مقرات قيادة حماس التي تنسق عن بعد الجهود لشن العمليات انطلاقات من الضفة.