التنكيل والتهديد أسلوب الاحتلال للوصول للمطلوبين

نجا أسير محرر من محاولة اغتيال على يد وحدات المستعربين الخاصة، التي أطلقت النار عليه أمام منزله في الحي الشرقي من مدينة جنين فجر يوم الثلاثاء المنصرم، فعاقبوا أسرته بالتنكيل بها وتدمير محتويات منزله والتهديد بتصفيته.

الأسير المحرر عدي زهير زيدان البعجاوي (30 عاماً)، والذي يزعم الاحتلال أنه “مطلوب” لأجهزته الأمنية، أفاد لـ”القدس” دوت كوم، أنه وصل لمنزله الساعة الواحدة فجراً، لكنه عاد لمركبته المتوقفة أمام البوابة الرئيسية فوراً، لإحضار أغراض اشتراها لطفلته ونسيها في المركبة، لكن ذلك شكل السبب لنجاته من التصفية والاعتقال.

ويقول: “بعدما أحضرت الكيس من المركبة، توقفت للسلام والحديث مع أحد الجيران، ولم أكن أتوقع أن منزلنا مرصود ومراقب، وفجأة شاهدت شاحنة كبيرة، تحمل لوحة ترخيص فلسطينية تدخل نحو الشارع”.

ويضيف: “موقع منزلنا وشارعنا بعيد عن المدينة، ولا تمر به بالعادة شاحنات وحتى مركبات غريبة في هذا الوقت، فشعرت أنها مشبوهة وغير طبيعية”.

سلم بعجاوي نفسه لحدسه، وتراجع بسرعة نحو الخلف من أمامها لكنه كما روى، ما كاد يتحرك، حتى شاهد مستعربين مسلحين يقفزون منها وهم يطلقون النار نحوه بشكل مباشر.

ويضيف: “ثواني فصلت بيني وبين وصولهم لي أو قتلي، ففور مشاهدتهم لي أتحرك سارعوا لإطلاق الرصاص وهم يقفزون من الشاحنة، ثم طاردوني في المنطقة، لكن كونها جبلية ومنازلها متراصة ومتقاربة، تمكنت من الإفلات من قبضتهم والنجاة من محاولة إعدامي”.

بينما، كانت الوحدات الخاصة تطارد بعجاوي، اكتشف الأهالي والمقاومة الكمين، وأعلنت حالة الاستنفار في جنين، في وقت بدأت فيه دوريات الاحتلال بالتحرك لإسناد المستعربين.

وبحسب الشهود، اقتحم الحي الشرقي أكثر من 30 دورية، حاصرت الحي والمنطقة وخاصة محيط منزل عائلة البعجاوي المكون من 4 طوابق، وقد اقتحم الجنود المنازل المجاورة والقريبة، واحتجزوا سكانها وصادروا أجهزتهم الخلوية، كما نصبوا فرق القناصة التي وجهت أسلحتها نحو المنزل المستهدف.

حتى تلك اللحظة، لم تكن عائلة البعجاوي تعلم بتفاصيل ما يجري، واستهداف عدي الذي عاش تجربة المطاردة والاعتقال مرات عديدة، بتهمة الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي، وقضى في سجون الاحتلال 8 سنوات، حتى انهمر رصاص الجيش نحو المنزل وسط التهديدات بقصفه.

بسخط وغضب، وهي تجمع آثار الدمار الذي خلفه هجوم الاحتلال على منزلها، تقول المواطنة أم كنان في حديثها لـ”القدس” دوت كوم: “لم نعلم بملاحقة عدي وإطلاق النار عليه، كنا ننام بمنزلنا في هذا الوقت المتأخر من الليل، حتى استيقظنا مذعورين على صوت إطلاق نار كثيف وانفجارات هزت منزلنا، نهضت مذعورة، وقبل الحديث لمعرفة ما يجري، سمعت الجنود عبر مكبرات الصوت، يطالبوننا بالخروج فوراً”.

وتضيف: “شعرنا بخوف وقلق على أطفالنا، فرصاصهم كان يتطاير ويخترق الجدران، وأصواتهم أرعبت الجميع، فبدأت بجمع أحفادي لحمايتهم”.

في هذا الوقت، نصب الاحتلال راجمات القذائف حول منزل البعجاوي، وهددوا بقصفه، ويروي الشاب كنان البعجاوي، أن إطلاق النار كان مروعاً ورهيباً، شعرنا أن الموت ينتظرنا إذا تحركنا، وشعرت بصدمة عندما شاهدت الجنود ينتشرون حول منزلنا الذي تحول لثكنة عسكرية، لكنهم لم يقتحموه.

ويضيف: “طلبوا منا الخروج، جمع كل أفراد العائلة الموزعة على 4 طوابق، خرجنا وسط عشرات الجنود الملثمين وهم يشهرون أسلحتهم نحونا دون مراعاة وجود أطفال ونساء، واقتادونا للشارع الرئيسي قبالة المنزل”.

ويضيف: “حققوا معنا حول عدي، ثم استخدموا زوجته كدرع بشري واقتادوها أمامهم لتفتيش كل ركن وزاوية في المنزل، وسط التدمير والتخريب المتعمد”.

ثار غضب الجنود، عندما اختفى عدي، وهددوا أسرته بتصفيته، وتقول والدته: “أثناء احتجازنا لم يتوقفوا عن الاقتحام وتفتيش المنزل مرتين وثلاثة، وبعدما أطلقوا النار نحو مركبته وكسروا زجاجها، طلبوا منا الهدوء، لأن الجنود سيفجرون شيء ما في المنزل”.

وتضيف: “بعد دقائق وقع انفجار ضخم هز المنطقة، ثم اجتمع الجيش والمستعربين، وغادروا المنطقة، بعدما هددونا بتصفيته إذا لم يسلم نفسه فوراً”.

قوات الاحتلال فجرت غرفة الضيوف في منزل بعجاوي، مما دمر جميع محتوياتها، ومزقت صور الشهداء التي كانت تزين جدرانها، وقال الشقيق كنان: “هذه ممارسات منافية لكل الأعراف، لا يوجد مبرر لما تعرضت له أسرتنا من قمع ورعب وعقاب جماعي، يؤكد أن الاحتلال لا يعرف سوى سياسة العدوان والانتقام، لم يبقى شيء إلا ودمروه، فأين الديمقراطية وحقوق الإنسان؟”.

وخلال العملية، اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة في الحي الشرقي، وأطلق مقاومون النار على قوات الاحتلال التي ردت بالمثل، وبحسب الشهود، أطلق الاحتلال النار أيضاً على مركبة محلية بداخلها مقاومين نجو من الموت بأعجوبة.