ذهب “معهد أبحاث الأمن القومي” التابع لجامعة تل أبيب في تقديره الإستراتيجي للعام 2022، الذي نشر اليوم، الإثنين، أنّ إسرائيل تفتقر إلى عقيدة إستراتيجية شاملة وثابتة وبعيدة المدى، وأنها “لا تستنفد ما لديها من قدرات أمنية واقتصادية وتكنولوجية، للردّ على التحديّات التي تواجهها”.
وحول الملف الإيراني، بيّن “التقدير الإستراتيجي”، الذي جاء بعنوان “وقت الحسم”، أنّ إسرائيل لا تستطيع وحدها التعامل مع التحديات التي تضعها إيران، “ما يجبرها على تعميق العلاقات مع الولايات المتحدة دون علاقة لنجاح أو فشل المحادثات بين إيران والدول الكبرى في فيينا”. ووفق باحثي المعهد “في كل الحالات، سواءً تم التوقيع على اتفاق أو حتى تفجّر المباحثات، وفي كل حال فيه لا يمنع اتفاق إيران من أن تصبح دولة حافّة نووية هو فشل من الناحية الإسرائيلية”.
ووضع كهذا، بحسب الباحثين، “من الممكن أن يحرج إسرائيل، عندما تبقى وحيدة برغبتها استخدام أدوات عسكرية لإبعاد إيران عن القنبلة”. ويذهب الباحثون إلى أن إسرائيل “على مدى عقود، لم تضع سياسات لوقف النووي الإيراني، إنّما انشغلت بتأخير البرنامج”.
ويقدّر باحثو المعهد، وفق التقدير، أنّ إيران تستطيع “خلال أسابيع معدودة، الوصول إلى مستوى مرتفع من اليورانيوم المخصّب”، إن اتخذ قرار سياسي بذلك. في مقابل ذلك، ينقسم باحثو المعهد على قدرة إيران على بناء أنظمة تسلّح قادرة على حمل رؤوس نووية عسكرية. “التقديرات المتفائلة تقول إن ذلك سيحدث خلال عامين، والأكثر تشاؤمًا خلال أشهر”.
أمّا حول الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، فذهب باحثو المعهد إلى أنّها على “شفير الغليان”. وتشكّل هذه الجبهة، وفق المعهد، “تحدّيًا كبيرًا لرؤية إسرائيل دولة يهودية، ديمقراطية، آمنة وأخلاقية، بسبب الانزلاق إلى واقع الدولة الواحدة”، فـ”غياب حل للصراع الإسرائيلي، وعدم الدفع بمسار سياسي” يضعان إسرائيل أمام “تهديد خطير على هويّتها كدولة يهودية وديمقراطية وعلى مكانتها في المجتمع الدولي”.
وتابع التقرير “الوضع الأمني في الضفة الغربية على شفير الغليان، بسبب ضعف السلطة الفلسطينية، وتجمّع الفصائل والشارع ضدّها”، لكنّه استدرك أنّ “الوضع لا يزال تحت السيطرة بسبب العمليات النشطة للجيش والشاباك والتنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، لكنّ السلطة تضعف ومن المحتمل أن تصل حتى إلى عدم قدرة على التصرّف، في الوقت الذي يزيد فيه اليأس عند جيل الشباب الفلسطيني إلى الحديث بمصطلحات ’الدولة الواحدة’”.
وحول قطاع غزّة، يجد الاحتلال نفسه، وفق التقرير، أمام “صراع معقّد وبعيد المدى: الحاجة إلى ردّ عاجل للوضع الإنساني في المنطقة ومنع التصعيد الأمني، وصفقة تبادل أسرى ومنع تعزّز حكم ’حماس’ وقوتّها العسكرية”.
أمّا داخل الخطّ الأخضر، فصنّف باحثو المعهد “الجبهة الإسرائيلية الداخلية” على أنها “تهديد اجتماعي خطير بشكل خاصّ”، على ضوء الاستقطاب والشروخ والتطرّف بالإضافة إلى تراجع الثقة بمؤسسات الدولة.
وأرجع باحثو المعهد تحدّيات هذه “الجبهة” إلى “ضعف شرطة إسرائيل، وتطوّر مناطق خارج السيطرة، تشكّل تهديدًا حقيقيًا على المناعة الاجتماعية وعلى الأمن القومي