لا تكف سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن تعذيب الأسرى، عبر سياسات ممنهجة، حتى وهم مضربين عن الطعام، إذ تسعى لإطالة عمر الإضراب عبر تغذيتهم قسريًا، وبالتالي زيادة مدة تعذيبهم، وعدم الاستجابة لمطالبهم.
والتغذية القسرية هي أحد الأساليب التي يلجأ إليها الاحتلال لإجبار الأسرى المضربين عن الطعام على تناول أو تلقي المواد المغذية؛ وذلك باستخدام طرق مختلفة منها إدخال أنابيب التغذية إلى معدة الأسير المضرب عن الطعام عن طريق الأنف وحقن المواد الغذائية من خلالها بقوة إلى المعدة وهي طريقة خطيرة تسببت في السابق باستشهاد عدة أسرى، أو عن طريق إدخال المواد الغذائية والسوائل عن طريق الحقن في مجرى الدم (الأوردة، الأوعية الدموية).
التغذية القسرية.. تنكيل بالأسير
يعتبر الاحتلال الإسرائيلي التغية القسرية وسيلة لتعذيب الأسير المضرب عن الطعام والتنكيل به، يؤكد رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس في حديث لـ”القدس” دوت كوم، مشيرًا إلى أن الكنيست الإسرائيلي أصدر قانونًا للتغذية القسرية بحق الأسير المضرب، عام 2015، لكن إسرائيل لم تجد من ينفذ ذلك القانون حتى الآن.
وفي تاريخ 30 يوليو\ تموز 2015، صدق الكننيست على قانون التغذية القسرية للأسرى، بالقراءتين الثانية والثالثة، بغالبية 46 صوتًا، مقابل 40 صوتًا، وأطلق على القانون اسم “منع أضرار الإضراب عن الطعام”، ويمكن للسلطات إطعام أسرى مضربين عن الطعام بشكل قسري إذا “تعرضت حياتهم للخطر”.
ووفق فارس، فإن نقابة الأطباء الإسرائيلية هددت بفصل أي طبيب ينفذه كونه يضر بسمعة الأطباء عالميًا، فهم يعتبرون أن التغذية القسرية عملية تنكيل وتعذيب للأسير، لكن إن وجدت ممرض أو شرطي ينفذه فإن ذلك يعني الذهاب باتجاه قتل الأسير.
التغذية القاتلة!
منذ ثمانينات القرن الماضي، توقفت إسرائيل عن أسلوب التغذية القسرية بمفهومها القاسي والقاتل “إدخال الطعام بأنبوب بلاستيكي إلى المعدة”، بعد استشهاد أربعة أسرى مضربين نفذ بحقهم التغذية قسريًا، بحسب ما يؤكده رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس.
والشهداء الأسرى الأربعة الذين ارتقوا بعد تغذيتهم قسريًا، هم: عبد القادر أبو الفحم الذي ارتقى شهيدًا بتاريخ 11/5/1970، وراسم حلاوة، الذي ارتقى شهيدًا بتاريخ 20/7/1980، وعلي الجعفري، الذي ارتقى شهيدًا بتاريخ 24/7/ 1980، وإسحق مراغة، الذي استشهد عام 1983 بعد 3 سنوات من تغذيته قسريًا.
وتتم التغذية القسرية بطريقتين، أولاها عن طريق إدخال أنبوب بلاستيكي إلى معدة الأسير قَسْرًا، والطريقة الثانية فهي التغذية القسرية عن طريق الدم.
وتعد التغذية بالأنبوب البلاستيكي عبر المعدة قاتلة وخطيرة، حيث يتم زجه في فتحة الأنف، ثم يدفعْ خلال المريء، حتى يصل إلى داخل المعدة؛ ثم تحقن خلاله المواد الغذائية إلى داخل المعدة، وهي طريقة استشهد بسببها أربعة أسرى.
التغذية القسرية عبر الدم!
ما تمارسه إسرائيل بتغذية الأسرى المضربين قسرًا في الآونة الاخيرة، عن طريق الدم عبر القسطرة الوريدية بالقوة؛ فيثبت الأنبوب في أحد الأوردة، ثم تضخ السوائل المغذية أو الجلوكوز أو الأملاح أو المواد الغذائية مباشرة إلى مجرى الدم.
ويقول رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين اللواء قدري أبو بكر لـ”القدس” دوت كوم: “غن غسرائيل تمارس التغذية بالقدوة حينما تريد عبر إعطاء الأسير إبرة بالوريد، بعكس الطريقة السابقة بإطعام الأسير عبر الأنف إلى المعدة لأنها خطيرة تؤدي إلى استشهاد الأسير، فلجأت إسرائيل للتغذية عبر الوريد.
ويشدد أبو بكر على أن التغذية القسرية عبر الدم تتم بغير إرادة الأسير، عبر إعطائه المدعمات والفيتامينات، وخاصة الاسرى الذين يتعرضون للخطر ويدخلون في غيبوبة.
من جانبه، يقول القيادي بحركة الجهاد الإسلامي الأسير المحرر ماهر الأخرس والذي خاض تجربة الإضراب عن الطعام مدة 104 أيام، في حديث لـ”القدس” دوت كوم: “إن سلطات الاحتلال لا يمكن أن تغذي الأسير بالقوة عبر الوريد وهو بوعيه، سوى إن غاب عن الوعي فقط”.
ويتابع الأخرس، “أيام إضرابي حاولوا تغذيتي من خلال إدخال الطعام إلى الفم، وكذلك بمحاولة إعطائي المغذيات عبر الوريد، لكنني منعتهم ورفضت، لأن الإجبار قد يدخل الأسير بحالة من الخطر”.
ويشير الأخرس إلى محاولات عديدة لخداعه من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، لإرغامه على فك إضرابه، لكنه كان يقظًا ومتنبهُا وأفشل ذلك، منوهًا إلى أن تغذية الأسير عبر المدعمات يعني إطالة عمر الإضراب وإبقائه على قيد الحياة دون الاستجابة لمطالبه.