تُواصِل الحكومة الإسرائيليّة الجديدة، بقيادة بنيامين نتنياهو، والتي تُوصَف بالحكومة الأكثر تطرفًا وعنصريّة في تاريخ كيان الاحتلال، تُواصِل العمل بشكلٍ سريعٍ وحثيثٍ بهدف القضاء نهائيًا على القضية الفلسطينيّة.
وفي هذا السياق، كشف المُستشرق الإسرائيليّ د. تسفي بارئيل النقاب عن أنّ توجهات حكومة الاحتلال اليمينيّة المتطرّفة تسعى إلى العودة لفترة الاحتلال الأولى، ومحو بقايا اتفاقات أوسلو، وإلغاء وجود السلطة الفلسطينيّة، إضافةً لإدارة أجهزة التعليم وشبكة المياه والكهرباء والصرف الصحيّ للفلسطينيين بواسطة بلديات معينة، والسيطرة على كلّ مدينة الخليل بشكلٍ مباشرٍ، كما أكّد في مقالٍ نشره بصحيفة (هآرتس) العبريّة.
وشدّدّ المستشرق، وهو مُحلِّل الشؤون العربيّة بالصحيفة العبريّة، على أنّ “حكومة الاحتلال ربّما ستقوم بتعيين حكّامٍ عسكريين يقومون بإصدار تصاريح للحركة والعمل والدراسة وترخيص السيارات“، على ما قاله.
وذكر أنّ “الخطوط العريضة للخطة بدأت تتضّح، من خلال العقوبات التي فرضتها الحكومة الإسرائيليّة على السلطة الفلسطينيّة، بالاستيلاء على 139 مليون شيكل، إضافةً إلى خصمٍ فوريٍّ للأموال التي تحولها السلطة لعائلات الأسرى والشهداء، وهذه ليست سوى الخطوة الأولى، بهدف دفع السلطة لوضعٍ لا يمكنها فيه دفع رواتب الموظفين“.
علاوة على ما جاء أعلاه، أشار المُستشرق إلى أنّ “سموتريتش وبن غفير يأملان في ألّا يبقى للسلطة أيّ خيارٍ عدا الاستقالة”، لافتًا في ذات الوقت إلى أنّ “أزمة دفع الرواتب في غزة، كانت من بين العوامل الرئيسية التي أثارت المواجهات (مسيرات العودة) على طول الجدار الفاصل مع غزة”، كما قال.
المستشرق أضاف أنّ “سموتريتش وبن غفير، الحاصلان على امتياز إدارة المناطق الفلسطينيّة، يقودان بسرعة إلى خلق وضعٍ غزيٍّ في الضفة الغربيّة، ومن الآن تتأرجح الضفة الغربيّة على حبل دقيقٍ متصلٍ بحقل ألغامٍ إنسانيٍّ، فنحو 100 ألف فلسطينيّ يعملون في إسرائيل بتصاريح والآلاف بدون تصاريح، ونحو ثلث الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر“.
كما أوضح د. بارئيل أنّه لدى السلطة 136 ألف موظف وشرطيّ، النصف في الضفة والنصف الآخر في غزة، ومنذ أشهر كثيرة لم تدفع لهم رواتب كاملة أوْ تتأخر، والحكومة السابقة (بقيادة نفتالي بينيت ويائير لابيد) أدركت الخطر الذي ينطوي على أزمةٍ اقتصاديّةٍ في السلطة، وناقشت طرقًا لمساعدة السلطة، بما في ذلك زيادة عدد تصاريح العمل وتجنيد المساعدات من الخارج”.
ولفت المستشرق إلى أنّ “هناك خطة يقوم عليها كلّ من بن غفير الذي يترأس الآن مليشيا خاصة مسؤولة عن الأمن في الضفة، وسموتريتش المسؤول عن الإدارة المدنيّة، وهذه الخطة تقتضي إعادة احتلال الضفة، لكن لا توجد لديهم حلول للانتفاضة التي ستندلع في أعقاب حركة الكماشة التي يستخدمونها ضدّ السلطة، لأنّ المعنى المباشر هو وقف التنسيق الأمنيّ مع السلطة، وأنّ رئيس السلطة في رام الله المحتلّة، محمود عبّاس، سيضع المفاتيح على الطاولة، وسيتعيّن على الإسرائيليين تمويل الخدمات المدنية للفلسطينيين“، كما قال.
وبالإضافة إلى ذلك، أكّد المُستشرق أنّه سيتعيّن على جيش الاحتلال في هذا الوقت أنْ “يخصص معظم قوّاته من أجل السيطرة على الضفة الغربية والقدس، والإغلاق المؤقت سيكون جزءًا لا يتجزأ من الواقع إلى أنْ يتم فرض الإغلاق الكامل والدائم أخيرًا مثل الإغلاق والحصار المفروض على غزة، وهذا حتى الآن سيكون الجزء الأخف والأسهل“، على حدّ تعبيره.
وخلُص المُستشرق إلى القول إنّ “الجزء الأقل راحةً، فسيأتي عندما سيكتشف الإسرائيليون، أنّه لا يمكنهم مواصلة السفر إلى أوروبا وربّما أيضًا إلى الولايات المتحدة، وأنّ البضائع الإسرائيليّة لم تعد مرغوبةً في العالم وأنّهم هم أنفسهم يعيشون في قفص“، على حدّ قوله.
وأعلنت الحكومة الإسرائيلية نهاية الأسبوع المنصرم عن اتخاذ سلسلةٍ من الإجراءات ضدّ السلطة الفلسطينيّة بسبب توجهها لمحكمة العدل الدوليّة في لاهاي.
وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيليّة إنّ المجلس الوزاريّ المُصغّر للشؤون الأمنيّة والسياسيّة (الكابينيت) قرر اتخاذ سلسلة من الإجراءات ضدّ السلطة الفلسطينيّة بسبب توجهها لمحكمة العدل الدوليّة في لاهاي.
وأوضح البيان أنّه من بين الإجراءات اقتطاع حوالي 139 مليون شيكل (39 مليون دولار) من أموال السلطة لصالح عائلات قتلى العمليات الفلسطينية، والمباشرة في اقتطاع “مدفوعات السلطة الفلسطينية للفدائيين وعائلاتهم للعام 2022 بما يتطابق مع تقرير المؤسسة الأمنية“.
وشملت الإجراءات أيضًا “تجميد خطط البناء الفلسطينية في المناطق (ج) في أعقاب محاولات السلطة الفلسطينيّة غير القانونيّة للسيطرة على هذه المناطق بما يتناقض مع الاتفاقيات الدولية”، وفق البيان.
وذكر البيان أنّه تمّ أيضًا سحب التسهيلات الممنوحة للشخصيات الفلسطينيّة (VIP) الذين “يقودون نشاطات إرهابيّة أوْ أيّ نشاطٍ معادٍ بما فيها الحملة القضائيّة والسياسيّة الفلسطينيّة ضدّ إسرائيل تحت غطاء النشاط الإنسانيّ“.
وتعليقًا على الإجراءات الإسرائيليّة، قال وزير الأمن الداخليّ الفاشيّ إيتمار بن غفير في تغريدة “حكومتنا اليمينيّة اتخذت قرارًا في (الكابينت) باتخاذ خطواتٍ فوريّةٍ ضدّ السلطة الفلسطينيّة وقادتها، ونأمل ونتمنّى بأنّه سيتّم اتخاذ المزيد من الإجراءات ضدّ مَنْ يدعم الإرهاب ويحاول الضغط على إسرائيل“، بحسب تعبيره.