إسرائيل اليوم – بقلم: يوسي بيلين أحد كبار المسؤولين الاسرائيلين، والمفاوض الإسرائيلي خلال اتفاقات أوسلو وأبرز مهندسيها
أين اختفت الإنسانية. من الصعب التصديق بأن كل هذا يحصل تحت أنفنا، حين يكون وزير الدفاع بني غانتس، ووزير الأمن الداخلي عومر بارليف، وأفترض بأن الاثنين يتلقيان معلومات عن ذلك ويأكلان القلب.
حصل هذا في بداية الأسبوع، في جنوب جبل الخليل. رعاة فلسطينيون، نساء ورجالاً، من القرية المجاورة الثعلا، جاءوا إلى البئر ليسقوا أغنامهم، وسرعان ما وصل هناك مستوطنون من بؤرة “حفات مان” ليسقوا هم أيضاً أغنامهم، رغم أن الإدارة المدنية أبلغتهم بأن هذه ليست أرض مرعى لهم. وعندها نشبت مواجهة، بحضور أفراد الشرطة، حمل مستوطن عصا بيده وضرب امرأتين، وكسر يد أحد الرعاة الفلسطينيين، ويدعى يوسف عليان. بداية، أخذ أفراد الشرطة عصا كاسر اليد، ولكن سرعان ما حن قلب أحدهم فأخذ العصا وأعادها إلى المستوطن الضارب، ربما لأنه خاف أن يتركه دون وسيلة حماية… ببساطة، لا حدود للوحشية وللسخافة.
وإذا كنت سأضيف إلى ذلك عدة تنكيلات أخرى للمستوطنين هذا الأسبوع (سلوك فظ مارسته ابنة رئيس مجلس “كريات أربع” ابنة الـ 14 في مظاهرة منظمة “لاهفا” في القدس، أو إبعاد الفلسطينيين في جبل الخليل عن ملعبهم في سوسيا) ستتملك المرء الدهشة: في إسرائيل أغلبية مؤيدة لتقسيم البلاد، لضمان أغلبية يهودية مستقرة في نظام ديمقراطي. وفيها أقلية تعارض التقسيم وتعتقد أن من حق الأقلية اليهودية أن تتحكم بأغلبية فلسطينية ذات حقوق جزئية جداً. ولكن من سيدافع عن سلوك حقير كهذا؟
الملك ليس ملزماً بالانضباط الائتلافي. يا له من حظ! في اللحظة الأخيرة، جرت معالجة شجاعة للمشكلة. وعقب ذلك، لم تقم دولة فلسطينية يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع. كجزء من إجمال للقاء ملك الأردن، عبد الله الثاني، مع نائب رئيس الكنيست النائب منصور عباس، كان اللقاء جيداً، وأصدر القصر في ختامه بياناً جافاً للصحافة، أشير فيه إلى أن الملك قال إن حل النزاع سيتم عندما تقوم دولة فلسطينية على أساس حدود 1967. هذه الأقوال عادية جداً لدرجة أنه يخيل إليّ أنها باتت بارزة على الورق الرسمي في القصر حتى قبل أن يشار إلى اسم الضيف.
ثارت في محيط رئيس الوزراء نفتالي بينيت جلبة على أن عباس شارك في حديث تطرق فيه إلى السلام مع الفلسطينيين، والعياذ بالله. قال عباس إن الحديث عُني بشؤون أخرى، والقصر سحب هذه الأقوال الخطيرة كي لا يهز الحكومة. وتروي مصادر عليمة أن الملك قد استوضح، بعد أن هدأ الجميع، فيما إذا كانت تعليمات الائتلاف تنطبق عليه أيضاً.
على بينيت أن يعرف أنه يسخف نفسه بهذه التعليمات. فحكومته قد تعيش إذا ما عمل أعضاؤها انطلاقاً من انضباط ائتلافي، ولكن أن يتحدثوا بحرية. ولما كان حل الدولتين مقبولاً لدى العالم كله، فمن الأفضل ألا نعلق في أوضاع من هذا النوع الذي وجد الملك نفسه فيها.