احتشد مئات الآلاف من الإسرائيليين، مساء يوم السبت، في تل أبيب وعدة مناطق ومفترقات طرق في إسرائيل، احتجاجاً ضد حكومة بنيامين نتنياهو وخطتها لإضعاف القضاء وتقويض المحكمة العليا، وذلك للأسبوع الثاني عشر على التوالي.
وتأتي هذه التظاهرات خطة “الانقلاب القضائي” المثيرة للجدل التي تسعى حكومة التحالف الفاشي إلى إقرارها، قبل أسبوع حاسم يتوقّع أن يشهد مزيدًا من الخطوات التشريعية والاحتجاجات الجماهيرية.
وشارك أكثر من 220 ألف شخص في التظاهرة الرئيسية التي انطلقت من من ميدان “هبيما” وسط تل أبيب، باتجاه شارع “كابلان”، حيثُ أضرموا النيران في الشوارع واحرقوا صوراً لنتنياهو.
وفي مفترق “كركور” بمنطقة الخضيرة، اعتدت الشرطة الإسرائيلية على المحتجين، واستخدمت خراطيم المياه لتفريقهم، واعتقلت أربعة منهم، بعد إغلاق شارع رقم 65 أمام حركة السير.
وهاجم أنصار “حزب الليكود” المتظاهرين ضد الحكومة في مدينة “أور عكيفا” قرب حيفا، والتي تعتبر أحد معاقل نتنياهو.
وتظاهر عشرات الآلاف في حيفا وبئر السبع وأسدود ونتانيا وهرتسيليا ورعنانا، كما خرجت تظاهرة حاشدة أمام مقر إقامة الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ في القدس.
وأغلقت الشرطة الإسرائيلية العديد من الشوارع تزامنا مع التظاهرات الاحتجاجية.
وجاءت التظاهرة الأخيرة في تل أبيب، التي تعد مركزا تجاريا لإسرائيل بعد أيام على تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو المضي قدمًا في التعديل على الرغم من القلق الدولي المتزايد.
وقال دانيال نيسمان، العامل في قطاع التكنولوجيا المتقدمة: “نحن هنا اليوم لكي نظهر أنفسنا ونضيف صوتنا إلى أصوات مئات الآلاف، إن لم يكن ملايين الإسرائيليين الذين يدعمون القيم التي تأسست عليها هذه الدولة”، في إشارة إلى الديمقراطية.
وأضاف نيسمان البالغ 36 عامًا: “هذا كل ما نأمله، أن يعيدنا (نتنياهو) من حافة الهاوية”.
وقال جوش دريل المتحدث باسم الحركة المنظمة للتحرك إن “عددا متزايدا من الإسرائيليين يستفيقون”.
وطالب المتظاهرون باستقالة نتنياهو، ورفعوا يافطات كتب عليها شعارات بالعبرية والإنجليزية والعربية، من ضمنها: “حياة الفلسطينيين مهمة”، “شعب يحتل شعب آخر لا يمكن أن يكون حرا”، “نتنياهو، سموتريتش، بن غفير، تهديد للسلام في العالم”، و”ياريف ليفين (وزير القضاء) عدو للديمقراطية”، و”حان وقت إسقاط الديكتاتور” و”حكومة العار”، و”بيبي (نتنياهو) فاقد للأهلية”، و”الابارتهاد لا يتوقف عند الخط الأخضر”، و”لا أحد فوق القانون”، و”إصلاحات ليفين القضائية نهاية للديمقراطية”.
وتسعى حكومة نتنياهو إلى إجراء تعديلات جذرية على جهاز القضاء وضد الأقليات، ولشرعنة “العنصرية والتمييز”، الأمر الذي تراه شريحة واسعة من الإسرائيليين “استهدافا للديمقراطية وتقويضا لمنظومة القضاء”.
أمس الجمعة، أعلن منظمو الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو وخطة إضعاف جهاز القضاء عن تصعيد خطواتهم الاحتجاجية خلال الأسبوع المقبل، في أعقاب تصريحاته وتأكيده على “مواصلة التشريعات من أجل إصلاح القضاء” على حد تعبيره.
وقال منظمو الاحتجاجات في بيان أصدروه، إن “الأسبوع الحالي سيشهد أيام شلل قومي وخطوات احتجاجية أمام أعضاء كنيست ووزراء في الحكومة، بالإضافة إلى تنظيم تظاهرة حاشدة في القدس”.
وأضافوا أنه “في يومي الأحد والإثنين ستنظم احتجاجات في كل مكان يتواجد به أعضاء الكنيست والوزراء حتى نشل برامجهم ونوصل رسالتنا بأن الديكتاتورية لن تمر”.
وأكدوا أن “وتيرة الاحتجاجات ستتصاعد يوم الثلاثاء بخلاف ما شهدته شوارع البلاد في الأيام السابقة. ومن المزمع أن يشهد يوم الأربعاء المقبل شللا واحتجاجات كبيرة في ساعات الصباح، قبل أن يتوجه المتظاهرون بعدها إلى القدس للمشاركة في تظاهرة كبيرة أمام مقر الكنيست”.
وأقر منظمو الاحتجاجات أن “يوم الخميس سيشهد احتجاجات أخرى”، غير أنهم رفضوا الكشف عنها في الوقت الحالي.
وقال منظمو الاحتجاجات إن “النضال سيرتقي إلى مستوى آخر، والسبب في ذلك هو محاولة نتنياهو الأسبوع المقبل السيطرة على المحكمة العليا وتعيين قضاة ليحكموا بشكل صارخ، وذلك في ظل انتهاك اتفاق تضارب المصالح وقرار العليا والمستشارة القضائية للحكومة”.
وأشاروا إلى أننا “ندخل أسبوعا مصيريا في تاريخ إسرائيل، سيما وأن الحكومة الحالية تقوم بتمزيق الشعب وتفكيك الجيش والاقتصاد الإسرائيلي”.
وأضافوا: “أمام محاولة قلب إسرائيل إلى ديكتاتورية، سينزل الملايين إلى الشوارع من أجل الدفاع عنها واستقلالها، ويجب على كل إسرائيلي يريد العيش بديمقراطية أن يخرج إلى الشوارع ويعارض الديكتاتورية بأي ثمن ويشل الدولة. ونحن لسنا خائفين من طريق طويل وشعبنا سينتصر والديمقراطية ستنتصر”.
وقال نتنياهو في مؤتمر صحفي عقده يوم الخميس، إن التشريعات القضائية الرامية لإضعاف جهاز القضاء ستتواصل الأسبوع المقبل، في خرق لاتفاق تضارب المصالح الذي يمنعه من التعامل مع خطة حكومته القضائية التي من شأنها أن تؤثر على محاكمته بتهم فساد.
وبعثت المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، رسالة إلى نتنياهو، حذرته فيها من أن تدخله في الانقلاب القضائي غير قانوني، مشيرة إلى أنه “خرق قرار المحكمة العليا، الذي بموجبه كونه رئيس حكومة متهم بجنايات عليه الامتناع عن القيام بخطوات تثير اشتباها معقولا بوجود تضارب مصالح”.