مخاوف فلسطينية من الأزمة الروسية الأوكرانية

تزداد في هذه الأوقات حالة القلق السياسي من المستوى الرسمي الفلسطيني، من تراجع الاهتمام الدولي بالملف الفلسطيني، في ظل اشتداد الأزمة بين روسيا من جهة والولايات المتحدة والدول الغربية من جهة أخرى، على خلفية ملف أوكرانيا، بما يمنع الجهود الفلسطينية التي تبذل حاليا، لعقد اجتماع للجنة الرباعية الدولية، بعد اجتماع المجلس المركزي الأخير.

جهود تجاه الرباعية 

وحسب مصادر مطلعة، فإن جهودا حثيثة بذلت قبل وبعد عقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير، من أجل الدفع لعقد اجتماع قريب للجنة الرباعية الدولية الخاصة بعملية السلام، من أجل وضع خطط تشمل عقد المؤتمر الدولي للسلام، بناء على الطلب الفلسطيني، بمشاركة أطراف دولية مساندة، مثل “مجموعة ميونخ” التي تضم كلا من فرنسا وألمانيا ومصر والأردن.

غير أن المصادر أشارت إلى أن عقد الاجتماع الخاص بالرباعية، والذي كان التحرك بشأنه يأتي من جهة روسيا والاتحاد الأوروبي، بناء على الاتصالات الفلسطينية، سيكون صعبا في هذا الوقت، بسبب الخلافات الكبيرة التي تفجرت بين الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي من جهة وروسيا من جهة أخرى بسبب أزمة أوكرانيا.

وباتت هناك قناعة بأن ما يحدث على الحدود الروسية الأوكرانية، لا يهيمن فقط على الاهتمام الإعلامي، وإنما على الملفات السياسية العالمية، حيث يصعب حاليا جمع أطراف الرباعية وهم أمريكا وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، على طاولة واحدة لمناقشة الملف الفلسطيني، في ظل خلافاتهم العميقة، والتي وصلت لحد التهديدات الشديدة بالعقوبات، بسبب ما يجري على حدود أوكرانيا.

وحسب صحيفة القدس العربي، فإن القيادة الفلسطينية، وخلال التحضيرات لعقد المجلس المركزي، طلبت رسميا من روسيا التحرك باتجاه المبادرة لطلب عقد اجتماع للرباعية الدولية، في الوقت الذي كان فيه الساسة الفلسطينيون يدفعون أوروبا لدعم هذا التوجه، في إطار المساعي الرامية لعقد مؤتمر دولي للسلام، يعمل على حل الصراع بالاستناد إلى قرارات الشرعية الدولية.

كما طلب الجانب الفلسطيني، بأن يصار إلى إصدار بيان من اللجنة الرباعية للسلام، يؤكد على أسس حل الصراع، بعد اجتماع المجلس المركزي والقرارات التي صدرت عنه.

وحاليا وبالرغم من التطورات الخاصة بالملف الدولي الأبرز “الأزمة الروسية الأوكرانية”، إلا أنه تقرر أن تستمر الجهود التي تبذل من قبل فريق فلسطيني شكل من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، من أجل الاتصال مع الأطراف الدولية.

ومن المقرر أن تشهد الفترة القادمة زيارات لوفود فلسطينية رفيعة إلى العديد من العواصم الإقليمية والغربية، لإطلاعها على خطة التحرك السياسية، في ضوء قرارات المجلس المركزي الأخيرة، والتي تشمل التحلل من الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، وغيرها من القرارات الأخرى، والتأكيد على أنه سيصار قريبا إلى تطبيقها على الأرض، حال لم يكن هناك تحرك جدي ينهي الاحتلال.

ترحيب ببيان “مجموعة ميونخ” 

يشار إلى أنه لم يجر حتى اللحظة أي تحرك دولي من طرف الرباعية أو الإدارة الأمريكية، بخصوص الملف الفلسطيني، غير تطمينات “غير جدية” قدمها مسؤولون أمريكيون للفلسطينيين، تتحدث عن استمرار واشنطن في مساعيها لإحلال السلام على قاعدة حل الدولتين، فيما أصدرت “مجموعة ميونخ” التي تضم كلا من مصر والأردن وفرنسا وألمانيا، بيانا عقب اجتماع وزراء خارجيتها في “مؤتمر ميونخ للأمن”، بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط.‏

وأعلن الوزراء في بيانهم، التزامهم بدعم جميع الجهود لتحقيق سلام عادل ودائم وشامل يحقق الحقوق المشروعة لجميع الأطراف على أساس حل الدولتين، وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والمحددات المتفق عليها، بما في ذلك مبادرة السلام العربية”.

وأشاروا إلى متابعتهم بقلق لـ “التوترات المتزايدة على الأرض”، وأكدوا بسبب ذلك الحاجة الملحة لاستئناف المحادثات والمفاوضات الجادة والهادفة والفعالة مباشرة بين الأطراف، أو تحت مظلة الأمم المتحدة، بما في ذلك إطار اللجنة الرباعية للشرق الأوسط.

 وأكدوا في البيان الذي صدر مطلع هذا الأسبوع، على ضرورة وقف جميع الأعمال أحادية الجانب، التي تقوض جهود السلام، لا سيما بناء المستوطنات، مؤكدين استمرارهم في التواصل مع جميع الأطراف لخلق آفاق واقعية لاستئناف عملية سياسية ذات مصداقية، وأكدوا أيضا أن تحقيق سلام عادل ودائم هو هدف استراتيجي يصب في مصلحة جميع الأطراف، ويُعد أساسا للأمن والاستقرار الإقليمي.

هذا وقد رحب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح، بدعوة “مجموعة ميونخ” لعقد اجتماع للرباعية الدولية وفتح الآفاق لمسار سياسي لبدء المفاوضات على أساس قرارات الشرعية الدولية، وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه.

ودعا في ذات الوقت المجتمع الدولي للضغط على دولة الاحتلال وإلزامها بوقف أعمالها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، وأكد على ضرورة استجابة الرباعية الدولية لدعوة وزراء خارجية الدول الأربع، باستئناف عملية مفاوضات جادة وفاعلة ومباشرة تحت مظلة الأمم المتحدة، لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بتمكين شعبنا الفلسطيني من نيل حقوقه.

ويأتي ذلك في ظل استمرار الخلاف الفلسطيني الداخلي، والذي يحول دون التوصل إلى استراتيجية سياسية تجمع عليها جميع الفصائل، خاصة بعد عقد جلسة المجلس المركزي الأخيرة، التي قاطعتها عدة فصائل من المنظمة، وعدم انضمام حركتي حماس والجهاد الإسلامي للمنظمة، وما تبعه من الكشف عن مرسوم رئاسي يعتبر منظمة التحرير الفلسطينية كإحدى دوائر الدولة الفلسطينية.

يشار إلى أن المستشار القانوني للرئيس عباس، قال في تصريح صحافي عقب تناقل مرسوم إلحاق المنظمة بدوائر الدولة “في ضوء سوء الفهم الذي تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي لبعض العبارات الواردة في القرار بقانون بشأن دعاوى الدولة غير المنشور في الجريدة الرسمية وغير النافذ، فقد أعاد سيادة رئيس الدولة إصدار القرار بقانون من جديد، بعد توضيح وإعادة صياغة العبارة الملتبسة، على نحو اعتبرت فيه دعاوى منظمة التحرير الفلسطينية في حكم دعاوى الدولة وتعامل معاملتها، على أن يصار لنشره في الجريدة الرسمية حسب الأصول”.