قال مسؤولون سعوديون لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، إن الرياض تدرس عرضا صينيا لبناء محطة للطاقة النووية في المملكة، في خطوة “تهدف إلى الضغط على إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لتقديم تنازلات بشأن شروطها لمساعدة المملكة في الحصول على الطاقة النووية”.
وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة تشترط مساعدة الرياض في تطوير برنامج للطاقة النووية بموافقة السعوديين على عدم تخصيب اليورانيوم أو استخراج رواسبه، وهي شروط لم تطلبها الصين، التي تسعى إلى تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط.
وطلبت السعودية من الولايات المتحدة مساعدتها في تطوير برنامج نووي مدني، إضافة إلى توفير ضمانات أمنية، كجزء من صفقة محتملة تشمل تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وفقا لوول ستريت جورنال.
“عرض صيني”
وقال المسؤولون السعوديون إن المؤسسة الوطنية النووية الصينية، وهي شركة مملوكة للدولة، قدمت عرضا لبناء محطة نووية في المنطقة الشرقية بالمملكة الخليجية، بالقرب من الحدود مع قطر والإمارات.
واعترف المسؤولون السعوديون بأن تباحث القضية مع الصين “وسيلة لحث إدارة بايدن على التنازل عن متطلبات حظر الانتشار النووي”، وفقا للصحيفة.
وأوضح المسؤولون أنهم يفضلون التعامل مع شركة “كيبكو” للطاقة الكهربائية الكورية الجنوبية، لبناء مفاعلات المحطة باعتماد الخبرة التشغيلية الأميركية، لكن دون الموافقة على ضوابط عدم الانتشار التي تطلبها واشنطن، بشكل عام.
وقالت المصادر ذاتها، إن ولي العهد السعودي الأمير، محمد بن سلمان، “مستعد للمضي قدما مع الشركة الصينية قريبا، إذا انتهى الأمر بفشل المحادثات مع الولايات المتحدة”.
في هذا السياق، يصرح جاستن دارجين، الزميل غير المقيم في مؤسسة “كارنيغي” للسلام الدولي والمتخصص في الطاقة في الشرق الأوسط، أن الصين لن تفرض على الأرجح نفس النوع من متطلبات حظر الانتشار، مما يجعلها شريكا أكثر ملاءمة للسعودية.
وكشفت وزارة الخارجية الصينية أن بكين ستواصل التعاون مع الرياض في مجال الطاقة النووية المدنية مع الالتزام بقواعد عدم الانتشار الدولي، فيما لم ترد المؤسسة الوطنية النووية على طلب الصحيفة للتعليق.
“تحول جيوسياسي”
وأفادت وول ستريت جورنال، بأن المضي قدما في العرض الصيني من شأنه أن يمثل “تحولا جيوسياسيا” آخر نحو الصين للمملكة التي لطالما كانت في معسكر الولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الطبيعة الجيوسياسية لمثل هذه الصفقات تتمثل في كونها “تحبس البلدان في عقود باهظة الثمن وطويلة الأجل”.
ولفتت إلى تصريحات للرئيس السابق للمؤسسة الصينية، صن تشين، الذي شبه فيها هذه العقود بأنها “زواج لمدة 100 عام”، بالنظر إلى الوقت الذي تستغرقه المناقشات الأولية حولها وصولا إلى توقيع الاتفاقيات وبداية تشغيل المفاعلات وصيانتها.
وقالت الصحيفة إن إدارة بايدن مقتنعة بأن الخبرة التشغيلية والتنظيمية الأميركية أفضل مما تقدمه الصين، لافتة إلى أن المناقشات بين الجانبين السعودي والأميركي ستمتد حتى نهاية هذا العام على الأقل.
وقال مسؤولون سعوديون إن العرض الصيني أرخص بنسبة 20 بالمئة على الأقل من العروض الواردة من اثنين من المنافسين، وهما الشركة الكورية للطاقة الكهربائية ” كيبكو”، وشركة “إي دي إف” الفرنسية مما يجعله جذابا بالنسبة للرياض، غير أنهم صرحوا بأنهم ينظرون إلى مفاعلات كيبكو والتسيير الأميركي على أنهما الأفضل.
وفتحت السعودية مناقشات أيضا مع فرنسا وروسيا بشأن الطاقة النووية، وفق الصحيفة، غير أن المسؤولين السعوديين قالوا إنهم يشكون في قدرة فرنسا على الوفاء بالتزاماتها، كما أن لديهم مخاوف بشأن العقوبات في مسألة التعاون مع روسيا.
والثلاثاء، قال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، إنه لا يتوقع إعلانا وشيكا بشأن حصول السعودية على طاقة نووية مدنية، أو تطبيع علاقات المملكة مع إسرائيل.
وأضاف أن الولايات المتحدة تريد معرفة رأي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إمكانية حصول السعودية على قدرات نووية مدنية.
وقال سوليفان إن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل “سيكون حدثا عظيما، وسيقود إلى شرق أوسط أكثر استقرارا واندماجا”.
وتعجل المملكة بخطط لتطوير القدرة على توليد الطاقة النووية في إطار خطة إصلاح يقودها ولي العهد محمد بن سلمان، تهدف للحد من اعتماد الاقتصاد على النفط.
وسبق أن نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” أن المسؤولين السعوديين محبطون من جراء عدم توصل المباحثات مع الولايات المتحدة لأي نتائج بشأن مساعي الرياض الرامية لتطوير برنامج للطاقة النووية.
وأضافت الصحيفة أن السعوديين يبحثون عن خيارات للعمل مع دول أخرى، بما في ذلك الصين أو روسيا أو دولة حليفة للولايات المتحدة.
الصحيفة أشارت إلى أن السعودية ضغطت على الولايات المتحدة لعدة سنوات من أجل مساعدتها في تطوير برنامج للطاقة النووية، حيث يتطلع القادة السعوديون إلى تقليل الاعتماد على النفط من أجل الحصول على الطاقة.
لكن المحادثات حول الشراكة النووية طالت، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن الحكومة السعودية ترفض الموافقة على شروط تهدف إلى منعها من تطوير أسلحة نووية أو مساعدة دول أخرى على القيام بذلك، وفقا لمسؤولين على دراية بالمناقشات، تحدثوا للصحيفة.
وتطالب الولايات المتحدة، بحسب الصحيفة، الدول بالوفاء بالمعايير العالية لعدم الانتشار قبل التعاون في برنامج نووي، بما في ذلك في بعض الحالات حظر تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة الوقود في أراضيها.