رأى الصحافي هنري معمارباشي، أنه إذا كانت تركيا هي الضحية الأولى للزلزال الرهيب الذي ضرب المنطقة، فإن سوريا هي الأكثر تضرراً، وتُعاني من عواقب أكثر كارثية، بسبب عقد من القمع والحرب والعقوبات التي تؤثر في المقام الأول على السكان المدنيين.
وكتب معمارباشي، في موقع “أوريان 21” (Orient XXI) الفرنسي، أنه بعد أن نسيها المجتمع الدولي ووسائل الإعلام الغربية سنوات طويلة، فجأة عادت سوريا إلى الذاكرة في لحظة عنيفة ومأساوية في أعقاب الزلزال الذي ضرب جنوب شرقي تركيا، وتسبّب بسقوط آلاف القتلى على الأراضي السورية.
ما هو مستقبل العقوبات؟
وفي ظل الوضع الكارثي الذي يعانيه الشعب السوري، والذي ضاعفته هذه الكارثة الطبيعية، أطلق المسؤولون السوريون دعوة جديدة لرفع العقوبات الغربية.
وقال نبيل أنطاكي، الطبيب الذي يترأس جمعية “الماريست الزرقاء” التي تقدم الاحتياجات الطارئة للسكان في حلب منذ بداية الحرب، للموقع: “ربما تفعلها الحكومات الغربية في مواجهة هذه المحنة؛ حفظ الله الجميع”.
وفرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وجامعة الدول العربية عقوبات على سوريا بعد حملة قمع شرسة ضد المدنيين منذ عام 2011، ضمن سلسلة من الإجراءات الاقتصادية التي تشمل قطاع النفط وتجميد الأصول المالية لعدد من الشخصيات، بالإضافة إلى سلسلة من الإجراءات التي لها تأثير كبير على السكان السوريين، وعلى أسعار المستلزمات الأساسية والمنتجات الطبية.
عقاب للأسد أم للشعب السوري؟
ورغم الدعوات لرفع العقوبات عن سوريا، بسبب معاناة الشعب، إلا أنها لا تزال سارية وآثارها على الناس واضحة.
في نظر باريس وواشنطن اللتين تناديان بسياسة متشددة تجاه دمشق، تتحمل دمشق مسؤولية الأزمة الإنسانية في سوريا، حيث يحتاج 13 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية عاجلة ويتحمّلون قسوة الشتاء من دون وقود أو بنزين أو كهرباء، مع انهيار العملة المحلية مقابل الدولار.
وفي هذه المواجهة، تُرك السكان ليواجهوا مصيرهم وحدهم. وتدعو سوريا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمنظمات الإنسانية الأخرى لدعم جهود الحكومة السورية لمواجهة الزلزال المدمر.
وتعهّدت الحكومة السورية بتقديم مساعدات لضحايا الكوارث في المنطقة الواقعة تحت سيطرة المعارضة، رغم ضعف إمكاناتها.
وضع كارثي في حلب
وقال الطبيب أنطاكي: “الوضع كارثي في حلب، قضى الناس ما تبقى من ليل الإثنين والنهار في الشوارع. لقد غادر الكثيرون منازلهم وهم يرتدون ملابس النوم، وانهارت عشرات المباني”.
ونقل الطبيب عن وزارة الصحة السورية قولها إن الزلزال أدى إلى مقتل حوالي 350 شخصاً وجرح الآلاف في المدينة، مضيفاً أن الحكومة أصدرت مرسوماً بإغلاق المدارس العامة لتحويلها إلى مراكز إيواء، فيما تواصل مستشفيات المدينة استقبال الضحايا.
كما تثير المباني المنهارة والمباني العامة والأثرية المتصدعة مخاوف من توابع قاتلة. ومع ذلك، وكما هو الحال في كثير من الأحيان، فإن الضرر الأكبر يقع في الأحياء النائية وأحياء الطبقة العاملة في المدينة التي يبلغ عمرها ألف عام.
كما تضرّرت قلعة حلب وجوهرتها المعمارية التاريخية، وكذلك المساجد والكنائس.
أما خارج حلب، فتأثرت مدن أخرى مثل حماة، واللاذقية، وإدلب.