إسرائيل اليوم – بقلم: يوسي بيلين تحدث أناس في الأيام الأخيرة مع نتنياهو، وحذروه من خطورة الاتفاقات مع شركائه الائتلافيين في مجالات الأمن، والقانون، والقضاء، والتعليم، وخرجوا بانطباع مشابه: انقضاء سريع لمرحلة النشوة. وسمح لمن حادثه أن يفهم بأن الحديث يدور من ناحيته عن تشكيل “حكومة لامفرّ”.
يرى نتنياهو نفسه كمن يواصل الدفاع عن الأمور الحيوية والمقدسة في نظره (مثل بند الحفيد في قانون العودة)، ويتباهى بالمطالب الهاذية التي رفضها في أثناء المفاوضات الائتلافية الصعبة. ووعد بأن الكلمة الأخيرة في أي موضوع ستكون مضمونة له، بحيث ألا تتصرف كل وزير أو نائب وزير كما يشاء. ويشعر بأنه ظلم في كل ما يتعلق بمحاكمته، وأن نتائج الانتخابات تمنحه فرصة لمعالجة ذلك. وبعد أن ينهي الفصل القضائي، سيفحص تغييرات ائتلافية. في معسكر الوسط – اليسار، انطلقت أصوات دعت للارتباط بنتنياهو قبل وقوع المصيبة، ومنع قرارات وتعيينات هاذية. وهي دعوات نابعة من وطنية حقيقية وخوف شديد من الاتفاقات المتحققة. قد نفهم ذلك بل وحتى نقدر من يطلق هذه الدعوات، لكن لا يمكن الاتفاق معهم؛ فنتائج الانتخابات تمنح فرصة لأن يوضع فكر اليمين الصرف في الاختبار. الشعارات المتكررة بنمط “دعوا الجيش ينتصر” ومطالبات التحرر من قيود حماة الحمى منحت أناساً غير قليلين إحساساً بوجود حلول بسيطة جداً للمشاكل المركبة التي تقف أمامها إسرائيل، لكنها حلول لا تتحقق خوفاً من العالم (الذي هو دوماً ضدنا)، رقيقي الروح (الذين يهمهم دوماً الجيران ولا يهمهم إخوانهم) ويهود أمريكا (الذين يستمتعون بالحياة في الولايات المتحدة، ولا يهاجرون إلى البلاد، ولا يدفعون الضرائب في إسرائيل، ولا يتجندون للجيش الإسرائيلي، ويعتقدون أنه مسموح لهم انتقادنا).
أولئك الذين يؤمنون بالحلول المقترحة صبح مساء، وليسوا واعين للثمن الباهظ الذي ستدفعه إسرائيل على تحققها، هم أولئك الذين منحوا اليمين المتطرف قوته في الانتخابات الأخيرة. وهم من ينبغي لهم أن يتبينوا كم هي عليلة هذه الشعارات. هي خطوة سنضطر جميعاً لدفع ثمنها، وهذا ليس ثمناً زهيداً، لكنه ضروري كي نعيد الديمقراطية الإسرائيلية إلى مسارها، وإلى الجدال الشرعي الذي دار فيها حول تقسيم البلاد، الذي سيضمن إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية للأجيال القادمة أيضاً، سياسة “اليد الخفية” للسوق حيال سياسة الرفاه، وإخراج أحكام الأحوال الشخصية الدينية من المجال القانوني، ومنح إمكانية للزواج المدني، وغيرها.
لم تطرح في الجدال الذي جرى سابقاً حجج حول حيوية الأزمة الديمقراطية، ولم نسمع أقوالاً عن التفوق اليهودي. ولاية حكومة مع سياسيين معجبين بمئير كهانا والحاخام تاو، كفيلة بأن تكون فرصة للعودة إلى الجدال الشرعي لأنها ستكشف عورة من يمجدون الحلول البسيطة.
إن انضمام محافل من الوسط – اليسار إلى الحكومة سيمسح لليمين بالادعاء بأن أهدافهم كادت تتحقق لولا دخول الوسط – اليسار إلى الائتلاف الذي دمر كل شيء. “دعوا اليمين ينتصر” ستكون سياسة مع شارة ثمن، لكنه ثمن من الصواب دفعه من أجل مستقبل الديمقراطية الإسرائيلية.