غطى دخان ضبابي ناجم عن حرائق الغابات التي تجتاح كندا نيويورك، الأربعاء، ما دفع مدن على طول الساحل الشرقي للولايات المتحدة إلى إصدار تحذيرات من تلوث الهواء والآلاف إلى إخلاء منازلهم في كندا.
وتسبّبت الحرائق المدمرة في فرار أكثر من 20 ألف شخص من منازلهم واحتراق حوالى 3,8 ملايين هكتار من الأراضي في كندا حيث وصف رئيس الوزراء جاستين ترودو موسم حرائق الغابات هذا بأنه الأسوأ على الإطلاق في البلاد.
من جهتها، قالت وكالة حماية البيئة الأميركية إن أكثر من مئة مليون شخص في كل أنحاء شمال شرق الولايات المتحدة وغربا إلى شيكاغو وجنوبا إلى أتلانتا، تلقوا تحذيرات من التلوث بعد وصول دخان الحرائق من كندا.
وغطت سحب من الدخان ناطحات السحاب الشهيرة في نيويورك وأدت إلى تأخير رحلات جوية وتأجيل أحداث رياضية.
وقالت نيشا سوايتيانون وهي سائحة من تايلاند في مدينة نيويورك “الرائحة تشبه رائحة الشواء”.
وطلب رئيس البلدية إريك آدامس من سكان نيويورك الحد من النشاطات الخارجية قائلا “هذا ليس يوما للتدرّب لسباق ماراتون”.
وعلّقت كل النشاطات الخارجية في المدارس العامة في مدينة نيويورك حيث غلف الضباب الدخاني تمثال الحرية وأفق مانهاتن.
من جهتها، أعلنت إدارة الطيران الفدرالية أنها خفضت الرحلات الجوية من مطارات المدينة وإليها بسبب انخفاض مستوى الرؤية.
وكتب الرئيس الأميركي جو بايدن على تويتر أنه تم إرسال أكثر من 600 إطفائي بالإضافة إلى أفراد آخرين ومعدات إلى كندا للمساعدة في السيطرة على الحرائق.
بدوره، قال رئيس وزراء كيبيك فرانسوا ليغو إنه تم إجلاء أكثر من 11 ألف شخص في المقاطعة حتى الآن، ومن المتوقع أن يجلى المزيد من الأشخاص مع نهاية يوم الأربعاء.
وتحدث بايدن مع ترودو الأربعاء وعرض “دعما إضافيا لمواجهة حرائق الغابات المدمرة والتاريخية” بحسب البيت الأبيض.
وقال ترودو إنه شكر بايدن وكتب على تويتر “هذه الحرائق تؤثر على الحياة اليومية وسبل العيش ونوعية الهواء لدينا. سنواصل العمل… من أجل التصدي لتغير المناخ والتعامل مع آثاره”.
حذّر العلماء من أن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من خطر الظواهر الجوية القاسية بما فيها موجات الحر والجفاف التي غالبا ما تتسبب في اندلاع حرائق الغابات.
وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار إن الوضع كان “مثالا مقلقا للطرق التي تؤثر بها أزمة المناخ على حياتنا”.
وأفاد موقع “آي كيو-إير.كوم” الذي يتتبع نوعية الهواء في كل أنحاء العالم، بأن نيويورك – المعروفة عادة بسمائها الصافية – سجلت أسوأ مؤشر لجودة الهواء مقارنة بالمدن الرئيسية في العالم.
قال هيو هيل (43 عاما) وهو محام إن حلقه كان يؤلمه بسبب الدخان الضار الذي شبه رائحته برائحة احتراق الخشب.
ومثل العديد من سكان نيويورك، اختار تغطية وجهه أثناء التنزه مع كلبه في سنترال بارك الذي يعتبر الرئة الخضراء لمانهاتن.
وقال “إير ناو” وهو موقع تتبع آخر لنوعية الهواء، إن مؤشر مدينة نيويورك وصل إلى مستوى خطير بلغ 413 عند الساعة الخامسة عصرا (21,00 ت غ)، أي أقل بقليل من الحد الأقصى للمقياس البالغ 500.
وأوضح العالم في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) راين ستوفر لوكالة فرانس برس أن نيويورك حطّمت أعلى مستوياتها السابقة في مؤشر جودة الهواء والتي سجّلتها قبل 21 عاما.
ووصفتها حاكمة ولاية نيويورك كايثي هوشول بأنها “أزمة طارئة” قد تستمر لأيام.
يستعد الآلاف من الأشخاص في أجزاء كندا الأكثر تضررا من الحرائق لمغادرة منازلهم بحثا عن الأمان.
وجنوب الحدود، تلقت العديد من مناطق الولايات المتحدة تحذيرات من تلوث الهواء وتأثرت مجموعة واسعة من النشاطات العامة.
وأجل دوري البيسبول الرئيسي مباراة الأربعاء بين نيويورك يانكيز وشيكاغو وايت سوكس وكذلك مباراة فيليز على أرضه ضد ديترويت تايغرز بسبب رداءة نوعية الهواء.
كما أعلن اتحاد كرة السلة للسيدات والرابطة الوطنية لكرة القدم للسيدات إرجاء مباريات.
كذلك، ألغيت الليلة الافتتاحية لسلسلة حفلات في بروكلين من المقرر أن تشارك فيها كورين بايلي راي.
في واشنطن، حذّرت السلطات من أن نوعية الهواء “غير صحية للأشخاص المصابين بأمراض القلب أو الرئة والمسنين والأطفال والمراهقين” وألغت كل النشاطات الخارجية في المدارس العامة.
وبالعودة إلى مدينة نيويورك التي يقطنها 8,7 ملايين شخص، قال جاك رايت، وهو محام متقاعد يبلغ 76 عاما، إن التلوث “تسبب له في سعال طوال اليوم”.
وأضاف لوكالة فرانس برس “أقلعت عن التدخين قبل 50 عاما لكنه نوع من السعال الذي كنت أعانيه عندما كنت أدخن”.
لكن رغم كل ذلك، ليس الكل منزعجا من الرائحة الكريهة التي غطت المدينة.
وقالت المتقاعدة باميلا رودريك (78 عاما) “لا يزعجني ذلك. كما تعلمون، فإن نيويورك غالبا ما تكون رائحتها غريبة”.