أكد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، اليوم الجمعة 19/5/2023، أن المقاومة الفلسطينية تستطيع أن تقاتل العدو، وتنتصر عليه، إذا وجدت الدعم القوي والدائم، وأن وحدة شعبنا وقوى المقاومة أمر بالغ الأهمية، يجب المحافظة عليها وتعزيزها.
وشدد النخالة على أن حضور الغرفة المشتركة الدائم، واستعدادها بكل قواها للدخول في المعركة، كان عاملاً مهمًّا في تقصير أيام العدوان.
جاء ذلك، خلال المهرجان المركزي “ثأر الأحرار” التي تنظمه حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة وجنين ولبنان وسوريا.
واعتبر أن موقف الإخوة في حزب الله الواضح، والمتمثل في خطاب سماحة السيد حسن نصر الله، الذي أشار فيه إلى إمكانية تدخل المقاومة في لبنان، لصالح الشعب الفلسطيني، وجد تقديراً كبيراً من المقاومة وشعبنا.
كما جدد التأكيد على المقاتلين في كل مكان وعلى وجه الخصوص في غزة والضفة الابتعاد عن كل الأدوات والوسائل وخاصة أجهزة الهاتف الجوال التي يمكن للعدو الاستفادة منها في تحديد أماكن تواجدهم.
وأعرب عن شكره لكل الذين وقفوا مع شعبنا، مؤيدين ومساندين، وعلى رأسهم الجمهورية الإسلامية في إيران، والإخوة في حزب الله، وسوريا، والإخوة في اليمن الذين خرجوا عن بكرة أبيهم، وأبدوا استعدادًا للقتال بجانب الشعب الفلسطيني. كما شكر مصر التي أدّت دورًا مهمًّا في وقف العدوان، وكذلك دولة قطر.
كما تقدم بالشكر لكل وسائل الإعلام التي غطت أحداث العدوان، وكانت مؤيدة ومساندة. وإلى كل الذين اتصلوا، وأعربوا عن تأييدهم لمقاومة شعبنا، وعلى رأسهم الإخوة في العراق. وكذلك أشكر شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وكل القوى الحية التي تضامنت معنا في العالم.
وفيما يلي نص الكلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائدنا رسول الله محمد، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه، ومن والاه إلى يوم الدين.
يا شعبنا العظيم، يا شعبنا المقاتل…
نلتقي اليوم، لنكرم كوكبة عظيمة من الشهداء والقادة الذين قتلوا في عدوان غادر، مع عائلاتهم وأطفالهم. وسبقهم في السياق نفسه، اغتيال الشهيدين: القائد خضر عدنان والقائد علي الأسود. ولنكرم من ارتقى في معركة ثأر الأحرار، من القادة والمقاتلين والمواطنين والأطفال والنساء.
في مهرجان الشهادة هذا، يلتقي الشعب المجاهد، ليؤكد أن الشهيد لا يذهب إلى الموت، بل يذهب إلى الاشتباك المستمر، عبر حضوره الدائم في حياة الناس، وحياة إخوانه ورفاق دربه. فنحن نحفظ أسماءهم، ونحفظ وجوههم، ونحفظ وصاياهم. وسنحمل أسماءهم، وألقابهم، وأحلامهم، جيلاً بعد جيل. وسنكتب أسماءهم، في يوم آتٍ لا محالة، على أسوار القدس ومسجدها وأبوابها.
ومن هذا المكان، وفي هذا اليوم، وأمام هذا الحشد الكبير، وأمام العالم، أؤكد أن أوهام القوة والغطرسة لدى العدو ستتحطم، أمام إرادة الشعب الفلسطيني، وقدرته وإصراره على إدامة الاشتباك، وإصراره على القتال المستمر، حتى الانتصار الكبير. ولن نتردد في تقديم التضحيات من أجل هذا الهدف، وإن شهداءنا بتضحياتهم هم الذين يقودون طريقنا الأمثل، في تحقيق توازن الرعب مع عدو مدجج بكل أنواع السلاح.
لقد نجحنا في معركة ثأر الأحرار، ببركة دماء الشهداء، بالمحافظة على وحدة الشعب الفلسطيني، وصمدنا وقاتلنا، رغم فقداننا الأعز من إخواننا ومقاتلينا، وفقداننا عائلات بأكملها. لكننا أثبتنا للعدو في قتالنا، أننا على استعداد دائم لأن نخوض المعركة تلو الأخرى، دفاعًا عن شعبنا، ومنعًا من أن تستباح دماؤنا، كلما أراد العدو أن يفعل ذلك. وهنا أعيد ما قلته سابقًا: إن أية عملية اغتيال سيكون ردنا عليها قويًّا وواضحًا ومؤلمًا، ولن تكون تل أبيب وغيرها من مدن الكيان الصهيوني بعيدة عن مرمى صواريخنا ورصاص مقاتلينا.
يا شعبنا المجاهد والعنيد
تتزاحم في هذه الأيام الذكريات المؤلمة؛ ذكرى النكبة الكبرى التي ألمت بالشعب الفلسطيني عام 48، وذكرى سقوط بيت المقدس عام 67، وغيرهما من المناسبات التي تركت جرحًا عميقًا في جسد أمتنا. ورغم كل الظروف الصعبة والمعقدة، واختلال موازين القوى العسكرية لصالح العدو، ما زال شعبنا الفلسطيني الشجاع يقاتل، وما زال يجترح المعجزات في الصمود والصبر، ورغم المعاناة المستمرة، فقد صبرنا وصمدنا، وفي محطات كثيرة خضنا معارك كبرى وقاتلنا، دفاعًا عن هويتنا وتمسكنا بحقوقنا. وبقيت قضيتنا حية… أرادوا أن يغيبوها بالسياسة فعقدوا اتفاقيات وهمية، وأرادوا أن يقتلوها فشنوا الحروب، وحشدوا كل جنودهم وأسلحتهم… ولكننا نقف اليوم أكثر قوة من أي وقت مضى، وأكثر إرادة، وأكثر إصرارًا على التمسك بحقوقنا في فلسطين والقدس.
يا شعبنا العظيم، يا أهل غزة البواسل…
هذا يوم للعزة كبير…
يا من اجترحتم معجزة السلاح، ومعجزة القتال الصعب، ومعجزة الصمود، وأضأتم الليل الطويل الذي يحيط بنا من كل جانب…
إن معركة ثأر الأحرار يوم جديد في عمر شعبنا الفلسطيني، ويوم للوحدة، ويوم لتكامل المقاومة بكل أسمائها، ويوم عظيم لحركة الجهاد الإسلامي، ويوم عظيم للشعب الذي وقف موحدًا، متحديًّا العدوان الصهيوني بكل شجاعة واقتدار؛ الصف الأول يستشهد، والصف الثاني يقاتل، والصف العاشر يقاتل… نحن شعب الجهاد والمقاومة.
لقد ارتكب العدو في جنح الليل، وفي زنازين الاحتلال، جريمة اغتيال الشهيد خضر عدنان. وتلاها جريمة أخرى بشعة بحق إخواننا القادة، وعائلاتهم وأطفالهم، ظانًّا وواهمًا أن نبتلع دمهم، ونمضي إلى حياتنا وأسواقنا، وبعض من أيام السفر المستجدي لحاجات الناس الضرورية، وغير الضرورية. هكذا يجب أن نفهم هذه الجريمة، كنتيجة من نتائج فهم العدو بأننا يمكن أن نساوم على دمنا، مقابل بعض الأشياء العابرة. فخرج لهم مقاتلونا، ليعيدوا ترتيب المعادلات مرة أخرى.
أيها الإخوة والأخوات…
إن معاركنا تثبت، مرة تلو الأخرى، أن بإمكان أمتنا أن تنتصر على المشروع الصهيوني الذي قهرها، وكان سببًا أساسيًّا في تبعيتها وضعفها، منذ غرس هذا الخنجر في القلب منها. لقد استطاع شعبنا الشجاع أن يمرغ أنف العدو في التراب، ويكسر هيبته أكثر من مرة. وما جرى في معركة ثأر الأحرار أكبر دليل على ذلك… راجعوا نص الاتفاق الذي تم بناء عليه وقف العدوان على غزة، تدركوا تمامًا معنى ما أقول.
يقول الاتفاق نصًّا: “تعلن مصر، وبناء على موافقة الطرفين؛ الفلسطيني والإسرائيلي، وقف إطلاق النار…”.
ألم يسأل أحد في عالمنا: من هذا الطرف الفلسطيني؟!
إنه الجهاد الإسلامي، فصيل فلسطيني واحد، لا يملك في الحقيقة سوى مقاتليه الشجعان، وشعب عظيم يقف خلفه، ومقاومة شكلت حاضنة معنوية وعملية له.
منذ متى كانت تقبل “إسرائيل” أن يكون الفلسطيني ندًّا لها، يجبرها على وقف العدوان، ويلجم جيشها عن الإجرام؟!
فصيل فلسطيني واحد، يقاتل في الميدان، ويفاوض لوقف العدوان. وغير ذلك، يلتزم العدو بعدم استهداف المدنيين، وعدم استهداف الأفراد، والتوقف عن هدم المنازل. وحتى لو لم يلتزم العدو بذلك لاحقًا، لكن أين العنجهية؟! وأين الجيش الذي لا يقهر؟! وأين سطوة “إسرائيل”، ورفضها حتى القرارات الدولية؟!
وأقول لكم إضافة إلى ذلك: إن العدو كان يكذب، ويقول إنه انسحب من المفاوضات أكثر من مرة، وهذا غير صحيح. نحن الذين رفعنا أكثر من مرة جلسات المفاوضات. وما قبل اليوم الأخير أجلنا المفاوضات إلى اليوم التالي. وفي اليوم الخامس للعدوان قدمنا نص الاتفاق النهائي، ووضعناه على الطاولة، بعد خمسة أيام من القتال، وقلنا لهم: إما أن يقبل العدو بهذا النص، أو ننسحب من المفاوضات.
هذا هو برهاننا على أن أمتنا تستطيع أن تفعل أشياء كثيرة، وأن تغير في المعادلات… إن أمتنا تمتلك من الإمكانيات ما يفوق إمكانيات العدو، لكن ينقصها إرادة القتال، وإرادة الصمود. إن الكيان الصهيوني بالرغم من امتلاكه كل أدوات القوة، فإنه لا يمتلك المقاتل الذي لدينا، ولا المواطن الفلسطيني الذي لدينا. لقد رأيتموهم كيف يهربون إلى الملاجئ، هلعًا ورعبًا. حتى أنه دخل في قاموس الحروب مصطلح مصابين هلعًا. وهذه حكمة النص القرآني: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، هذا هو مفهوم الخزي، إنه إصابات الهلع التي يتحدثون عنها.
نعم، نحن نعرف أن أمامنا تحديات كبيرة، وندرك أن معركة واحدة أو أكثر لن تكون قادرة على تحقيق كل أهدافنا وطموحاتنا. ولكنني أستطيع أن أقول: إن معاركنا السابقة في سيف القدس، ووحدة الساحات، وغيرهما من المعارك، واليوم معركة ثأر الأحرار، قد وضعت جميعها أقدامنا على الطريق الصحيح الذي بدأناه، وانطلقنا باتجاهه، ولن نتوقف.
وشعبنا الفلسطيني المقاتل والشجاع، هذا العنصر الحيوي في معادلة الصراع، مدعومًا ومؤيدًا بقليل من إمكانيات الأمة؛ ما زال العنصر المهم والأساسي الذي يعمل ضد توازن القوى. ويثبت حضوره كل يوم، بمقاومته الممتدة من الضفة الباسلة بقليل من المقاتلين الذين لا يملكون إلا القليل من السلاح، ويشاغلون العدو بدمهم وبطولاتهم، إلى غزة الباسلة التي استطاعت بإرادة رجالها، ومساعدة إخواننا في محور المقاومة، أن تصنع سلاحها، وتدافع به عن نفسها، وتقاتل وتصمد، بإرادة المقاومة، ممثلة بغرفة العمليات المشتركة، وبإرادة شعبها المظلوم والمحاصر.
إن أمتنا اليوم أمام فرصة نادرة، وعليها أن لا تضيعها، إن كانت جادة في دعم صمود الشعب الفلسطيني على الأقل. وإن مؤتمر القمة المنعقد حاليًّا في جدة، عليه تحمل مسؤوليته تجاه القضية الفلسطينية، ومعاناة الشعب الفلسطيني.
في ختام كلمتي، أؤكد على ما يلي:
أولاً: إن وحدة شعبنا وقوى المقاومة أمر بالغ الأهمية، يجب المحافظة عليها وتعزيزها.
ثانيًا: إن المقاومة الفلسطينية تستطيع أن تقاتل العدو، وتنتصر عليه، إذا وجدت الدعم القوي والدائم.
ثالثًا: إن موقف الإخوة في حزب الله الواضح، والمتمثل في خطاب سماحة السيد حسن نصر الله، الذي أشار فيه إلى إمكانية تدخل المقاومة في لبنان، لصالح الشعب الفلسطيني، وجد تقديراً كبيراً من المقاومة وشعبنا.
رابعًا: إن حضور الغرفة المشتركة الدائم، واستعدادها بكل قواها للدخول في المعركة، كان عاملاً مهمًّا في تقصير أيام العدوان.
خامساً: أؤكد مرة أخرى على مقاتلينا في كل مكان وعلى وجه الخصوص في غزة والضفة الابتعاد عن كل الأدوات والوسائل وخاصة أجهزة الهاتف الجوال التي يمكن للعدو الاستفادة منها في تحديد أماكن تواجدكم.
أخيرًا، أشكر كل الذين وقفوا مع شعبنا، مؤيدين ومساندين، وعلى رأسهم الجمهورية الإسلامية في إيران، والإخوة في حزب الله، وسوريا، والإخوة في اليمن الذين خرجوا عن بكرة أبيهم، وأبدوا استعدادًا للقتال بجانب الشعب الفلسطيني. كما أشكر مصر التي أدّت دورًا مهمًّا في وقف العدوان، وكذلك دولة قطر.
وأتوجه بالشكر إلى كل وسائل الإعلام التي غطت أحداث العدوان، وكانت مؤيدة ومساندة. وإلى كل الذين اتصلوا، وأعربوا عن تأييدهم لمقاومة شعبنا، وعلى رأسهم الإخوة في العراق. وكذلك أشكر شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وكل القوى الحية التي تضامنت معنا في العالم.
المجد للشهداء…
والنصر لشعبنا، بإذن الله…
والسلام عليكم