بمشقة وكفاح عنيد، يصر المزارع إبراهيم الحج خضر، على مواصلة العمل برعاية أرضه، مستعيناً بما يتوفر وتبقى له من معدات قليلة، بعدما صادر الاحتلال والمستوطنين الأدوات الرئيسية بما فيها الجرارات الزراعية، ضمن الحرب المستمرة ضد الزراعة والمزارع الفلسطيني في الأغوار الشمالية.
وفي ظل وعيه وادراكه لمخاطر السياسات التي يسعى الاحتلال لفرضها في سلة فلسطين الغذائية، يرفض المزارع الأربعيني التخلي عن الأرض المستأجرة والتي اعتاد على ضمنها لإعالة أسرته المكونة من 9 أفراد، والتي تعتاش من خيرات الأرض البالغة مساحتها 220 دونما، والمزروعة بالقمح والشعير والبيكا.
رغم تهديدات الاحتلال واعتداءات المستوطنين، يحرص المزارع إبراهيم، على رعاية أرضه بشكل يومي، في منطقة “بردلة”، والتي تعتبر من الأراضي المستهدفة، ولتطوير زراعته، حرص على شراء الجرارات الزراعية وكل ما يلزم الأرض من حصادات وأدوات وغيرها.
ويقول: العمل في الأرض بمثابة حياتي، حيث تعلمت الزراعة من والدي، وقضينا حياتنا نزرع ونحرث ونشقى أباً عن جد، وما زلت أمارس مهنتي الوحيدة بابداع وشغف لأنني أحب الأرض وزراعتها حتى لو كانت ليست ملكي، فمنها أعيش وهي مصدر رزقي ولعائلتي .. كل شيء يبقى جميل، حتى يتحرك ويتدخل الاحتلال والمستوطنين، لنبدأ المعاناة مع بدء تعرضنا لكل صنوف المضايقات والضغوط لتنفيذ مخططاتهم في السيطرة على الأراضي ومصادرتها، وتدميرها بعدم زراعتها، ليتم الاستيلاء عليها كيفما يشاؤون، فهم يسرحون ويمرحون في غالبية أراضي الأغوار، ولا أحد يستطيع ايقافهم عند حدهم فالسلاح لغتهم”.
ضمن محاولتهم، طرد الحج خضر، ومنعه من استغلاله أرضه، قام الاحتلال والمستوطنين، قبل فترة كما يروي بمصادرة 5 جرارات زراعية، يملك ثلاثة منها، ما تسبب بإعاقة عمله ورفاقه أصحاب الجرارات، ويقول: “تعمد الاحتلال احتجازها لمدة شهر كامل لتدمير المحاصيل وتكبيدنا الخسائر، بذريعة أن المنطقة عسكرية مغلقة، وهي الكذبة الجاهزة لتمرير مخططاتهم”.
أثناء عمل المزارع إبراهيم في أرضه كالمعتاد في بردلة، فوجيء بتاريخ 12/ 12/ 2022 ، بقيام قوة من جيش الاحتلال باقتحامها ووقفه عن العمل، وبعدها كما بوضح حضر ممثل مجلس المستوطنات في المنطقة، وأشرف على عملية مصادرة 3 جرارات أملكها واستخدمها في الحراثة ورعاية الأرض وزراعتها، ويضيف “خلال المصادرة، قال لي المستوطن: ممنوع العمل في هذه المنطقة ويجب عليك مغادرتها، وصادروا الجرارات وحتى اللحظة لم تعاد ولا يوجد معلومات عن مصيرها”.
“زهقونا …. تعبنا …. باب الرزق خسرناه “.. قال المزارع إبراهيم في حديثه لـ “القدس” دوت كوم، بعد عملية المصادرة الجديدة، وأضاف: “ستكون النتائج كارثية، فمصادرة معداتي يعني خسارة هذا الموسم الذي اعتبره مصدر دخل ورزق لعائلتي، كنا ننتظر جني ثماره من أجل ايجاد منتج ودخل للعائلة، ولكن الاحتلال يحاربنا كمزارعين حتى بلقمة عيشنا ورزقنا وأراضينا .. لينجح موسمي، يجب أن تتوفر معداتي الزراعية، ولكن الاحتلال قطع علي الطريق في قطف المحاصيل وتسويقها في أسواق طوباس ومدينة جنين .. أبذل المستحيل، لانقاذ ما يمكن من المحاصيل، حيث يوجد جرار زراعي، ولكن بالكاد أن يساعدني كما معداتي التي تمت مصادرتها .. عملي اليوم شاق ومتعب جدًا، علمًا أن معداتي التي تمت مصادرتها كانت تخفف عني الكثير وأنجز العمل بفترة قليلة وانتاج أفضل”.
رغم هجمات الاحتلال واعتداءات المستوطنين، يواظب المزارع إبراهيم، على الحضور لأرضه ورعايتها، فهي تشكل حياته وروحه، ويقول: “أعشق هذه الأرض منذ نعومة أظافري فوالدي من علمنا حب الأرض وروحها تنمو معنا، وتراب فلسطين غالي الثمن ولا نفرط فيه ببساطة”.
ووجه المزارع ابراهيم ، نداءاً لكافة الجهات والمؤسسات، لدعم المزارعين الذين يحاربهم الاحتلال في لقمة عيشهم في الأغوار الشمالية.