“الجلمة” استهداف متواصل منذ النكبة

في ذكرى النكبة، يواصل الاحتلال استهداف قرية “الجلمة ” الحدودية، شمال مدينة جنين، ضمن مخطط الاستيلاء ومصادرة أراضيها منذ عام 1948، وسط محاولات لفرض نكبة جديدة من خلال الممارسات التوسعية الجديدة للعشرات من الأراضي على مدار العقود الماضية.

استهداف منذ النكبة..

ويقول رئيس المجلس القروي في الجلمة أمجد أبو فرحة، منذ نكبتنا الأولى، تعتبر الجلمة من المناطق المستهدفة للاحتلال، بسبب موقعها الاستراتيجي على مناطق خطوط اتفاقية الهدنة، تمتد أراضيها داخل الأراضي التي احتلت عام 1948، وبسبب تضاريسها، وطبيعة أراضيها ذات الخصوبة العالية والتي تمتد في أراضي ثاني أهم سهل زراعي في فلسطين، مرج ابن عامر.

وأضاف: مطامع قوات الاحتلال لم تتوقف وليس نهاية فيما يتعلق بأراضينا، رغم أن ملكيتها تعود لمواطنين بحوزتهم قواشين وأوراق طابو رسمية.

مصادرة ونهب ..

وذكر أبو فرحة، أن قوات الاحتلال صادرت في نكبة عام 1948، 60% من أراضي الجلمة، ضمن مخططاته لعزلها وفرض الأمر الواقع، وحصار القرية وتقييد حركة المزارعين واستغلالهم لأراضيهم، موضحاً أن هجمة ثانية تعرضت لها القرية في نكسة حزيران عام 1967، بمصادرة 200 دونم وإغلاقها بوجه أصحابها حتى تحولت لمناطق عسكرية يمنع دخولها.

وقال: لم تتوقف هجمات الاحتلال، ففي عام 2002، استهدف الأراضي الزراعية الحدودية، والتهم 50 مترًا بعرض 3 كيلو متر ونصف، بنى عليها سياج الفصل العنصري، كامتداد للجدار الذي يبدأ من فقوعة وجلبون شرقاً عبر مرج ابن عامر، وصولاُ لعانين ورمانه والطيبة غرب جنين، وهذه العملية، أثرت على زراعة الأرض، ومنع الاحتلال أصحابها، من دخول وزراعة الأراضي المحاذية للجدار الذي أقيم داخل حدود القرية”.

أثار خطيرة ..

بعد عامين فقط، وفي عام 2004، صادر الاحتلال 12 دونما من أراضي القرية، ثم بنى حاجز الجلمة ومنشآته العسكرية داخل حدود داخل أراضي القرية الحدودية، والتي صودرت بشكل كامل، وأصبحت تخضع لسيطرة ورقابة الاحتلال.

ويقول أبو فرحة: “يمعن الاحتلال في إجراءاته التعسفية، من خلال إلتهام ومصادرة المزيد من الأراضي وتضييق الخناق على الأهالي والمزارعين، والتي تمثلت قبل أيام باستكمال بناء مقطع جديد من الجدار الاسمنتي لتعزيز جدار الفصل العنصري”.

ويضيف: “في مطلع الشهر الجاري، فوجئنا كمجلس، بمداهمة الاحتلال للقرية، وتوزيع اخطارات على عشرات المزارعين، لإزالة المحاصيل والبيوت البلاستيكية الزراعية ونقلها من أراضيهم القريبة من الحدودية لمناطق أخرى، مما كبدهم خسائر مادية فادحة”.

الهجمة الجديدة ..

رغم هذه الممارسات صمد أهالي الجلمة وتحدوا إجراءات الاحتلال الذي بدأ قبل أيام، بتنفيذ إجراءات جديدة، لوضع اليد على 30 دونماً من الأراضي الزراعية، المملوكة بشكل رسمي وقانوني لأكثر من 12 مزارعا.

وقال أبو فرحة: “عثر أصحاب الأراضي على الإخطارات ملقاة قرب البيوت البلاستيكية في أراضيهم، بوقف العمل فيها، والتوجه للإدارة المدنية للحصول على تراخيص رسمية من الإدارة المدنية خلال أسبوعين، وكون الأراضي، تعتبر مصدر الدخل الوحيد للمزارعين الذين يعتاشون من خيراتها، سارعوا لمحاولة إنقاذها من قبضة الاحتلال، وقدموا الأوراق المطلوبة للتراخيص للإدارة المدنية في معسكر سالم، وبعد استلامها من ضباط الاحتلال، فوجئنا، برفض الطلب بسبب عدم اعتراف الاحتلال، بتسوية السلطة وكواشينها”.

وأضاف: “الرفض، يعني عدم اعتراف الاحتلال بقوانين وإجراءات السلطة الوطنية ورفض منحهم التصاريح، وهذا كشف عن حقيقة نوايا الاحتلال باستهداف المنطقة، والذي برز من خطوته التالية، بإصدار اخطارات جديدة لنفس المزارعين بتاريخ 16-5، بإخلاء المنطقة ووضع اليد عليها للمرة الثانية على التوالي”.

وأشار إلى أن الاحتلال يواصل مطاردة المزارعين في لقمة عيشهم لمسافة تزيد عن 200 متر، وهذه الأراضي خصبة ومنتجة و مزروعة بالخضروات، موضحاً أن تكلفة البيوت البلاستيكية باهظة الثمن، وفي حال قرر الاحتلال إرغامهم على تنفيذ الاخطارات وإرغامهم على نقل هذه البيوت إلى أماكن أخرى، فان ذلك، سيؤدي إلى إتلاف المزروعات والبيوت البلاستيك، مما يكبد المزارعين خسائر فادحة وتدمير مواسمه مرات عديدة.

سياسة خطيرة ..

يعتبر المزارع السبعيني رشاد مصباح حسن زيدات، أحد المتضررين من إجراءات الاحتلال التي ترمي كما يرى، لاقتلاعه من أرضه التي يعمل فيها كمزارع منذ نصف قرن، ويقول “لدينا في المنطقة 12 دونما، تعتاش منها 15 عائلة، وتعتبر الزراعة مصدر معيشتنا وكل حياتنا، ولا يوجد لنا مجال آخر للعمل سوى فيها، ونحن ملتزين بكافة القوانين والإجراءات”.

وذكر زيدات ، أنه كباقي المزارعين، فقدوا أراضيهم التي صادرها الاحتلال عام 1948، ولا يوجد لهم، سوى الأراضي الحالية المزروعة بالمنتجات والبيوت البلاستيكية، موضحاً أن مطالبة الاحتلال لهم، بنقل البيوت البلاستيكية قرار خطير وتعسفي، فلا يمكن نقلها لإنها ستتدمر ويتكبدون خسائر فادحة، إضافة، لعدم امتلاكه وباقي المزارعين أراضي أخرى.

وقال: “هذا القرار، سيؤدي لتدمير القطاع الزراعي، وارتفاع معدلات البطالة والفقر في صفوفنا، والهدف من هذه السياسة طرد واقتلاع المواطن الفلسطيني من أرضه ومصادرتها .. كمزارعين، لن نتخلى عن أرضنا، نحن هنا باقون، ولن نتوقف نهائيا عن محاربة هذا المحتل حتى عن طريق الاستمرار واكمال المشوار في زراعة أراضينا فهم يعتبرونها حربا عليهم”.

وطالب كافة الوزرات والمؤسسات والجهات المعنية، بدعم أهالي الجلمة ومزارعيها وتثبيت صمودهم وكفاحهم ونضالهم المستمر ضد الاحتلال وهذه الجرائم والقرارات التعسفية والظالمة.