أصدر “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب اليوم، الثلاثاء، ما وصفه بـ”الإنذار الإستراتيجي” على خلفية خطة الحكومة الإسرائيلية لإضعاف جهاز القضاء (“الإصلاح القضائي” بحسب الحكومة)، وجاء فيه أن “الشرخ الداخلي بسبب دفع الإصلاح يهدد الأمن القومي الإسرائيلي”.
وبحسب البحث الذي أعدّه باحثون في المعهد، فإن “التهديدات الأمنية على إسرائيل اشتدت جدا مؤخرا”، مشيرا في هذا السياق إلى إيران “التي تحولت إلى دولة عتبة نووية” ووثقت علاقاتها مع روسيا والصين؛ وإلى التوتر الأمني المتصاعد في الضفة الغربية، وفي المسجد الأقصى خصوصا؛ وإلى أداء حزب الله “الذي يدل على تآكل الردع تجاهه”.
وأضاف البحث أنه في وضع كهذا “كان يتوقع أن تركز إسرائيل كل اهتمامها على مواجهة هذه التهديدات، الخطيرة جدا، إلا أن الأزمة الداخلية تمسّ بقدرتها على القيام بذلك. والضرر الأخطر حاصل في الجيش الإسرائيلي كجهاز كان دائما فوق أي خلافات داخلية، وعلى الاستعداد للخدمة فيه، الذي لا يستند فقط إلى التجنيد الإلزامي وإنما على الشعور بالانتماء والروح المشتركة”. وأشار البحث إلى أن المحكمة العليا منعت محاكمة عناصر الأمن الإسرائيليين في محاكم دولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
ورأى البحث أنه “ليس صدفة أن الضرر كبير بشكل خاص في منظومة قوات الاحتياط وخاصة في وحدات النخبة التطوعية – الطواقم الجوية، الوحدات الخاصة، ووحدات الاستخبارات. ويواجه ضباط كبار صعوبات في المناورة بين ضرورة الحفاظ على الجيش الإسرائيلي من التأثيرات السامة للمواجهة وبين معرفتهم للمحتجين – وكثيرون منهم من أفضل الجنود والضباط في الجيش”.
وأشار البحث إلى أن مشاريه قوانين تمنح إعفاء شاملا من الخدمة العسكرية للحريديين “من شأنها إلحاق ضرر جوهري بالجيش الإسرائيلي كـ’جيش الشعب’، وبذلك سحب الأرض من تحت الميثاق بين الدولة ومواطنيها الذين يخدمون” في الجيش.
وأضاف أن “ضررا ملحوظا بات حاصلا نتيجة هذا كله للتكتل والثقة المتبادلة داخل طواقم الجنود، وبينهم وبين الضباط. وإذا استمر دفع الإصلاح قدما سيسبب على الأرجح أضرارا أخطر للأداء الدائم للجيش الإسرائيلي ولجهوزيته لسيناريو طوارئ”.
وتابع البحث أن “الانشغال بالمواجهة الداخلية يمتص إلى داخلها جميع القيادة السياسية والأمنية، ولذلك سيقلص من قدرة الانشغال بالقضايا الأمنية المشتعلة – إيران، الوضع في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) والجبهة الشمالية. وبالطبع، هذا ينطبق أيضا على الوضع الاقتصادي والعلاقات مع الولايات المتحدة. وأخيرا، لا شك في أن ما يحدث في إسرائيل شفاف بالكامل تجاه الخارج، ويتلقى أعداؤها تشجيعا من الأزمة الداخلية، وحتى أنه قد يغررون على إثر ذلك بتنفيذ خطوات خطيرة”.
وأشار البحث إلى أن الكثيرين في إسرائيل ينظرون إلى خطة الحكومة لإضعاف القضاء أنها “تهديد حقيقي للديمقراطية”. ولفت إلى أن تشريعات الخطة “تتقدم بسرعة البرق من دون إعطاء فرصة حقيقية لبلورة توافق واسع. ونتيجة لذلك تتعاظم الاحتجاجات الشعبية الواسعة، والتي تتغلغل بشكل لا يمكن منعه إلى جميع نواحي الحياة في إسرائيل، وبضمنها الجيش الإسرائيلي”.
وحذر البحث من “تقويض ملحوظ في المناعة الاجتماعية في إسرائيل”، والذي يصل إلى حد “تفتت اجتماعي”. كذلك حذر من أنه “لا يمكن استبعاد إمكانية التدهور إلى هوة عنف شديد وواسع بين متطرفين في المعسكرين الخصمين، وبضمن ذلك استخدام السلاح”.
واعتبر البحث أن عدم مشاركة المجتمع العربي في الاحتجاجات ينطوي على “خطر كبير على الأمن القومي”. وتابع في هذا السياق أن “الابتعاد عن الانضمام للاحتجاجات يعني تعزيز التقوقع وتعميق الفجوة والعداء بين العرب واليهود. ووضع كهذا من شأنه تعزيز مجموعات راديكالية من كلا الجانبين ودفع نحو عنف على خلفية دينية وقومية”. وأشار البحث إلى أن قيادة الأحزاب العربية عبرت عن معارضتها للخطة القضائية، “لكن دعواتهم للجمهور بالانضمام إلى المظاهرات كانت متأخرة ومترددة”.
ووفقا للبحث، فإن الأزمة الداخلية الحاصلة في إسرائيل ألحقت ضررا بأداء الشرطة، خاصة إثر “تقاسم الصلاحيات الإشكالي والتوتر الحاصل بين وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وضباط الشرطة”. وشدد البحث على أن “مؤشرات على التسييس يستهدف الثقة المتدنية أصلا بين الجمهور والشرطة”، وأنه “يتوقع أن يواجه الشاباك تحديات مشابهة”.